أبيه، عن جدّه، قال: "وقّت رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - "، فذكر الحديث، وفيه: "وقال: لأهل العراق ذات عرق".
وروى الشافعيّ، والبيهقيّ بإسناد حسن، عن عطاء، عن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - مرسلاً: "أنه وقّت لأهل المشرق ذات عرق".
قال الحافظ وليّ الدين: فهذه الأحاديث التي ذكرتها، وإن كان في كلّ منها ضعف، فمجموعها لا يقصر عن بلوغ درجة الاحتجاج به. وكذا ذكره النوويّ في "شرح المهذّب"، فالأرجح عندي أنه منصوص أيضًا.
قال ابن قُدامة: ويجوز أن يكون عمر، ومن سأله لم يعلموا توقيت النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - ذات عرق، فقال ذلك برأيه، فأصاب، ووافق قول النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فقد كان كثير الإصابة - رضي اللَّه عنه - اهـ. انتهى كلام وليّ الدين -رحمه اللَّه تعالى- (?).
[تنبيه]: قال في "الفتح": وأما ما أخرجه أبو داود، والترمذيّ، من وجه آخر عن ابن عبّاس "أن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - وقّت لأهل المشرق العقيق (?) ". فقد تفرّد به يزيد بن أبي زياد، وهو ضعيف، وإن كان حفظه فقد جمع بينه وبين حديث جابر وغيره بأجوبة:
(منها): أن ذات عرق ميقات الوجوب، والعقيق ميقات الاستحباب؛ لأنه أبعد من ذات عرق. (ومنها): أن العقيق ميقات لبعض العراقيين، وهم أهل المدائن، والآخر ميقات لأهل البصرة، وقع ذلك في حديث لأنس عند الطبرانيّ، وإسناده ضعيف.
(ومنها): أن ذات عرق كانت أوّلاً في موضع العقيق الآن، ثم حُوّلت، وقربت إلى مكة، فعلى هذا، فذات عرق، والعقيق شيء واحد. ويتعيّن الإحرام من العقيق، ولم يقل به أحد، وإنما قالوا: يستحبّ احتياطًا.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذه التأويلات كلها لا حاجة إليها؛ لأن الحديث ضعيفٌ كما سبق، فلماذا هذه التأويلات المتكلّفة؟، واللَّه المستعان.
قال: وحكى ابن المنذر عن الحسن بن صالح أنه كان يُحرم من الرَّبَذَة، وهو قول القاسم بن عبد الرحمن، وخُصيف الجزريّ، قال ابن المنذر: وهو أشبه في النظر، إن كانت ذات عرق غير منصوصة، وذلك أنها تُحاذي ذا الحليفة، وذات عرق بعدها،