عمر، فآثر الناس ذات عرق على قرن". وله عن سفيان، عن صدقة، عن ابن عمر، فذكر حديث المواقيت، "قال: فقال له قائل: فأين العراق؟ فقال ابن عمر: لم يكن يومئذ عراق". وفي "كتاب الاعتصام" من "صحيح البخاريّ" من طريق عبد اللَّه بن دينار، عن ابن عمر، قال: "لم يكن عراق يومئذ". ووقع في "غرائب مالك" للداقطنيّ، من طريق عبد الرزّاق، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر قال: "وقّت رسول اللَّه جمتَ لأهل العراق قرنًا". قال عبد الرزاق: قال لي بعضهم: إن مالكًا محاه من كتابه. قال الدارقطنيّ: تفرّد به عبد الرزاق. قال الحافظ: والإسناد إليه ثقات أثبات. وأخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده" عنه، وهو غريبٌ جدًّا، وحديث الباب يردّه.
وروى الشافعيّ من طريق طاوسٍ، قال: "لم يوقّت رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - ذات عرق، ولم يكن حينئذ أهل المشرق". وقال في "الأمّ": "لم يثبت عن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - أنه حدّ ذات عرق، وإنما أجمع عليه الناس".
وهذا كلّه يدلّ على أن ميقات ذات عرق ليس منصوصًا، وبه قطع الغزالي، والرافعي في "شرح المسند"، والنوويّ في "شرح مسلم"، وكذا وقع في "المدوّنة" لمالك.
وصحح الحنفيّة، والحنابلة، وجمهور الشافعيّة، والرافعيّ في "الشرح الصغير"، والنوويّ في "شرح المهذّب" أنه منصوص. وقد وقع ذلك في حديث جابر - رضي اللَّه عنه - عند مسلم، إلا أنه مشكوك في رفعه، أخرجه من طريق ابن جريج، أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابرًا يُسألُ عن الْمُهَلّ، فقال: سمعت أحسبه رفع إلى النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فذكر. وأخرجه أبو عوانة في "مستخرجه" بلفظ: "فقال: سمعت أحسبه يريد النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -". وقد أخرجه أحمد من رواية ابن لَهِعة، وابنُ ماجه من رواية إبراهيم بن يزيد كلاهما، عن أبي الزبير، فلم يشكّا في رفعه.
ووقع في حديث عائشة، وفي حديث الحارث بن عمرو السهميّ كلاهما عند أحمد، وأبي داود، والنسائيّ. وهذا يدلّ على أن للحديث أصلاً، فلعلّ من قال: إنه غير منصوص لم يبلغه، أو رأى ضعف الحديث باعتبار أن كلّ طريق لا يخلو عن مقال.
ولهذا قال ابن خزيمة: رُويت في ذات عرق أخبارٌ لا يثبت شيء منها عند أهل الحديث.
وقال ابن المنذر: لم نجد في ذات عرق حديثًا ثابتًا. انتهى.
قال الحافظ: لكن الحديث بمجموع الطرق يقوى كما ذكرنا.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الذي قاله الحافظ إنما هو بالنسبة لحديث جابر، وإلا فحديث عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها - الذي عند المصنّف صحيح، لا كلام فيه، قال ابن حزم في "المحلّى" -بعد أن أخرج الحديث من طريق المصنّف-: ما نصّه: قال أبو