ذهابه له. ومثله رواية البيهقيّ من طريق الشافعيّ، عن ابن عيينة: "أن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - قَفَلَ، فلما كان بالروحاء لقي ركبًا ... " الحديث. وفي رواية له من طريق إسماعيل بن إبراهيم ابن عقبة، عن أبيه: "بينما رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - يسير بطريق مكة كلّمته امرأة ... " الحديث.

وجزم به ابن القيّم في "الهدي"، حيث قال: ثم ارتحل - صلى اللَّه عليه وسلم - راجعًا إلى المدينة، فلمّا كان بالروحاء لقي ركبًا، فذكر قصّة الصبيّ. وقيل: وقعت هذه القصّة في مقدمه إلى بيت اللَّه، والمراد بالصدور، والقفول صدوره من المدينة للحجّ. ولا يخفى ما فيه. وارجع إلى "الْقِرَى لقاصد أم القُرَى" ص 49 - 50 (?).

وقد ثبت أن ذلك كان في حجة الوداع، فقد أخرج البيهقيّ أيضًا من طريق محمد بن سُوقة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد اللَّه - رضي اللَّه تعالى عنهما -، قال: رَفَعَت امرأة صبيًّا لها إلى النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - في حجته، فقالت: يا رسول اللَّه، ألهذا حجّ؟، قال: "نعم، ولك أجر".

وقوله: "فلما كان بالرَّحاء لقي قومًا"، ولأبي داود: "كان رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - بالروحاء، فلقي ركبًا، فسلّم عليهم ... ".

وقوله: "بالرَّوحاء" -بفتح الراء، وسكون الواو، بعدها حاء مهملة، ممدودًا على وزن حمراء -: اسم موضع بين مكة والمدينة على ثلاثين، أو أربعين ميلاً من المدينة.

أفاده في "القاموس"، و"المصباح". وقال القاضي عياض -رحمه اللَّه تعالى- في "المشارق": هي من أعمال الفُرْع (?)، بينها وبين المدينة نحو أربعين ميلاً. وفي "صحيح مسلم" في "كتاب الأذان": أن الرَّوحاء ستة وثلاثون ميلاً. وفي "كتاب ابن أبي شيبة": ثلاثون ميلاً.

وقوله: "قالوا: من أنتم الخ". قال القاضي عياض -رحمه اللَّه تعالى-: يحتمل أن يكون هذا اللقاء كان ليلاً، فلم يعرفوه - صلى اللَّه عليه وسلم -. ويحتمل كونه نهارًا، لكنّهم لم يروه - صلى اللَّه عليه وسلم - قبل ذلك، لعدم هجرتهم، فأسلموا في بلدانهم، ولم يهاجروا قبل ذلك انتهى (?).

وقوله: "قالوا: رسول اللَّه" أي وأصحابه، ففيه حذف الواو مع ما عطفت، مثل قولهم: راكب الناقة طَليحَانِ، أي راكب الناقة، والناقة، قال ابن مالك في "الخلاصة":

وَالْفَاءُ قَذ تحُذَفُ مَعْ مَا عَطَفَتْ ... وَالْوَاوُ إِذ لَا لَبْسَ وَهْيَ انْفَرَدَتْ

بِعَطْفِ عَامِل مُزَالٍ قَدْ بَقِي ... مَعْمُولُهُ دَفَعًا لِوَهْمٍ اتُّقِي

أي نحن رسول اللَّه، والصحابة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015