المدينيّ: خلط أبو عبد اللَّه -يعني ابن منده- بينه، وبين خَرَشَة المراديّ، والظاهر أنهما اثنان. وقال ابن سعد: توفّي في ولاية بشر بن مروان على الكوفة. وقال خليفة: مات سنة (74 هـ). روى له الجماعة، وله عند المصنف هذا الحديث فقط، كرره خمس مرات برقم 2563 و 2564 و 4460 و 4461 و 5335.
7 - (عَنْ أَبِي ذَرٍّ) جندب بن جنادة الصحابيّ الشهير - رضي اللَّه تعالى عنه -، تقدم 203/ 322. واللَّه تعالى أعلم.
لطائف هذا الإسناد:
منها: أنه من سباعيات المصنف -رحمه اللَّه تعالى-. (ومنها): أن رجاله كلهم رجال الصحيح، وأن شيخه أحد مشايخ الأئمة الستة بلا واسطة. (ومنها): أنه مسلسل بالبصريين إلى شعبة، وبالكوفيين بعده. (ومنها): أن فيه ثلاثة من التابعين، يروي بعضهم عن بعض: علي عن أبي زرعة، عن خرشة. واللَّه تعالى أعلم.
شرح الحديث
- (عَنْ أَبِي ذَرٍّ) - رضي اللَّه عنه - (عَنِ النَّبِيِّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، قَالَ: "ثَلَاَثةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ-) قال القرطبيّ -رحمه اللَّه تعالى-: أي بكلام مَن رضي عنه، ويجوز أن يكلّمهم بما يكلّم به من سَخِط عليه، كما جاء في صحيح البخاريّ، من حديث أبي هريرة - رضي اللَّه تعالى عنه -، مرفوعًا: "يقول اللَّه لمانع الماء: اليوم أمنعك فضلي، كما منعتَ فضلَ ما لم تعمل يداك". وقد حكى اللَّه تعالى أنه يقول للكافرين: {اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} [المؤمنون: 108]. وقيل: معناه لا يكلّمهم بغير واسطة، استهانةً بهم. وقيل: معنى ذلك: الإعراض عنهم، والغضب عليهم انتهى (?).
وقال النووي -رحمه اللَّه تعالى-: قوله: "ثلاثة لا يكلّمهم اللَّه، ولا ينظر إليهم، ولا يزكّيهم، ولهم عذاب أليم" هو على لفظ الآية الكريمة. قيل: معنى "لا يكلّمهم": أي لا يكلّمهم تكليم أهل الخيرات، وبإظهار الرضى، بل كلام أهل السخط والغضب.
وقيل: المراد الإعراض عنهم. وقال جمهور المفسرين: لا يكلّمهم كلامًا ينفعهم، ويَسُرّهم. وقيل: لا يرسل إليهم الملائكة بالتحيّة انتهى (?).
(يَوْمَ الْقِيَامَةِ) قيده به إشارة إلى أنه محلّ الرحمة المستمرّة، بخلاف رحمة الدنيا، فإنها قد تنقطع بما يتجدّد من الحوادث. قاله في "الفتح" (?).