تعالى: {مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا} الآية [النساء: 85].
قال القاضي: ويدخل في عموم الحديث الشفاعة للمذنبين، فيما لا حدّ فيه عند السلطان وغيره، وله قبول الشفاعة فيه، والعفو عنه إذا رأى ذلك كلّه، كما له العفو عن ذلك ابتداء، وهذا فيمن كانت منه الزّلّة والفلتة، وفي أهل الستر، والعفاف، وأما المصرّون على فسادهم، المستهترون في باطلهم، فلا تجوز الشفاعة لأمثالهم، ولا تَركُ السلطان عقوبتهم ليزدجروا عن ذلك، وليرتدع غيرهم بما يُفعَلُ بهم، وقد جاء الوعيد بالشفاعة في الحدود انتهى كلام القرطبيّ -رحمه اللَّه تعالى- (?).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: قوله: "وقد جاء الوعيد إلخ" أشار به إلى ما أخرجه أحمد، وأبو داود وغيرهما بإسناد صحيح عن ابن عمر - رضي اللَّه عنهما - مرفوعًا: "من حالت شفاعته دون حد من حدود اللَّه، فقد ضادّ اللَّه في أمره، ومن مات وعليه دين فليس ثمّ دينار ولا درهم، ولكنها الحسنات والسيئات، ومن خاصم في باطل، وهو يعلم لم يزل في سخط اللَّه حتى يَنْزع، ومن قال في مؤمن ما ليس فيه، حُبسَ في ردغة الخَبَال، حتى يأتي بالخرج مما قال" (?). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث أبي موسى الأشعريّ - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا-65/ 2556 - وفي "الكبرى" 2337/ 67. وأخرجه (خ) في "الزكاة" 1432 وفي "الأدب" 6027 و 6028 وفي "التوحيد" 7476 (م) في "البرّ والصلة" 2627 (د) في "الأدب" 5131 و 5132 (ت) في "العلم" 2672 (أحمد) في "مسند الكوفيين" 19087 و 19163 و 19207. واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو مشروعيّة الشفاعة في الصدقة (ومنها): الحضّ على الخير بالفعل، وبالتسبب إليه بكلّ وجه (ومنها): الشفاعة إلى الكبير في كشف كربة، ومعونة ضعيف؛ إذ ليس كلّ أحد يقدر على الوصول إلى الرئيس، أولا يتمكّن لو دخل عليه، في توضيح مراده له؛ ليعرف حاله على وجهه،