بالقليل (ومنها): أن الصدقة تُقبَل، ولو قلت، لكن بشرط أن تكون طيّبة، لحديث أبي هريرة، - رضي اللَّه تعالى عنه -، قال: قال رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -: "أيها الناس، إن اللَّه طيب، لا يقبل إلا طيبا، وإن اللَّه أمر المؤمنين، بما أمر به المرسلين، فقال: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [المؤمنون: 51]، وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [البقرة: 172]، ثم ذكر الرجل يطيل السفر، أشعث، أغبر، يَمُدُّ يديه إلى السماء، يا رب يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأَنَّى يستجاب لذلك". رواه مسلم.
(ومنها): عدم احتقار القليل من الصدقة، وغيرها؛ لأنها تربو عند اللَّه حتى تكون كالجبل، كما دلّ عليه حديثُ أبي هريرة - رضي اللَّه عنه -، قال: قال رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -: "من تصدق بعدل تمرة، من كسب طيِّبٍ، ولا يقبل اللَّه إلا الطيب، وإن اللَّه يتقبلها بيمينه، ثم يربيها لصاحبه، كما يربيَ أحدكَم فَلُوَّه، حتى تكون مثل الجبل". متّفق عليه، وقد تقدّم للمصنّف -رحمه اللَّه تعالى- نحوه برقم 48/ 2525.
(ومنها): أن الكلمة الطيّبة تكون وِقايةً عن النار كصدقة المال، وقد ثبت كونها صدقة، فيما أخرجه الشيخان من حديث أبي هريرة - رضي اللَّه تعالى عنه -، قال: قال رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -: "كلُّ سُلامَى من الناس، عليه صدقة، كلَّ يوم تطلع فيه الشمس، يعدل بين الاثنين صدقة، ويُعين الرجل على دابته، فيحمله عليها، أو يرفع عليها متاعه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وكل خطوة يخطوها إلى الصلاة صدقة، ويُمِيط الأذى عن الطريق صدقة". واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريدُ إلا الإصلاح، ما استطعتُ، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكّلت، وإليه أنيب".
...
أي هذا باب ذكر الحديثين الدّالّين على التحريض على الصدقة. و"التحريض": مصدر حرّضه على الشيء: إذا حضّه، وحثّه عليه. قال الجوهريّ: التحريض على القتال: الحثّ، والإحماء عليه. قال اللَّه تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ} [الأنفال: 65]. وقال الزجّاج: تأويله: حُثَّهم على القتال، قال: وتأويل التحريض في اللغة أن تَحُثَّ الإنسانَ حَثًّا يَعلم منه أنه حارضٌ إن تخلّف عنه، قال: