قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الحاصل أنّ في "اضطرّت" ضبطين: أحدهما: البناء للفاعل، وعليه فالفاعل ضمير يعود إلى الجنّة المفهومة من ذكر الجنتين، و"أيديَهُما" منصوب على المفعولية. والثاني البناء للمفعول، وعليه فـ "أيديهما" نائب عن الفاعل.
وقوله: "اتسعت" الضمير فيه أيضًا يعود إلى ما عاد عليه الضمير الفاعل، أي اتسعت الجبّة.
وقوله: "حتى تُعفّي أثره" بتشديد الفاء للمبالغة، من التعفية، وهو التغطية، والستر، أي حتّى تغطي، وتستر أثر مشيه. وهو بمعنى قوله في الرواية السابقة: "حتّى تَعفُوَ أثره". واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريدُ إلا الإصلاح، ما استطعتُ، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".
...
أي هذا باب ذكر الأحاديث الدّالّة على حكم الإحصاء في الصدقة، وهو النهي.
و"الإحصاء": مصدر أحصيتُ الشيءَ أُحصيه: إذا علمته، أو عَدَدته، أو أطقته، والمناسب المعنى الأول والثاني. واللَّه تعالى أعلم بالصواب.
2549 - (أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ, عَنْ شُعَيْبٍ حَدَّثَنِي (?) اللَّيْثُ, قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ, عَنِ ابْنِ أَبِي هِلاَلٍ, عَنْ أُمَيَّةَ بْنِ هِنْدٍ, عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ, قَالَ: كُنَّا يَوْمًا فِي الْمَسْجِدِ جُلُوسًا, وَنَفَرٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ, فَأَرْسَلْنَا رَجُلاً إِلَى عَائِشَةَ؛ لِيَسْتَأْذِنَ, فَدَخَلْنَا عَلَيْهَا, قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ سَائِلٌ مَرَّةً, وَعِنْدِي رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, فَأَمَرْتُ لَهُ بِشَىْءٍ, ثُمَّ دَعَوْتُ بِهِ, فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ, فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: «أَمَا تُرِيدِينَ أَنْ لاَ يَدْخُلَ بَيْتَكِ شَيْءٌ, وَلاَ يَخْرُجَ إِلاَّ بِعِلْمِكِ؟» , قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: «مَهْلاً يَا عَائِشَةُ لاَ تُحْصِي فَيُحْصِيَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- عَلَيْكِ».
رجال هذا الإسناد: ثمانية:
1 - (محمد بنُ عَبدِ اللَّهِ بْنِ عَبدِ الْحَكَمِ) المصري الفقيه، ثقة [11] 120/ 166.
2 - (شُعيب) بن الليث الفهمي مولاهم، أبو عبد الملك المصري، ثقة نبيل فقيه،