قَالَ: إذَا أَنْفَقَ الرَّجُلُ عَلَى أَهْلِهِ) يحتمل أن يشمل الزوجة، والأقارب. ويحتمل أن يخُصّ الزوجة، ويُلحق بها من عداها بطريق الأولى؛ لأنّ الثواب إذا ثبت فيما هو واجب، فثبوته فيما ليس بواجب أولى.
وقال الطبريّ -رحمه اللَّه تعالى-: ما مُلخّصه: الإنفاق على الأهل واجبٌ، والذي يُعطيه يؤجر على ذلك بحسب قصده، ولا منافاة بين كونها واجبةً، وبين تسميتها صدقة، بل هي أفضل من صدقة التطوّع. وقال المهلّب: النفقة على الأهل واجبة بالإجماع، وإنما سمّاها الشارع صدقة خشية أن يظنّوا أنّ قيامهم بالواجب لا أجر لهم فيه، وقد عرفوا ما في الصدقة من الأجر، فعرّفهم أنها لهم صدقة، حتى لا يخرجوها إلى غير الأهل إلا بعد أن يَكْفُوهم؛ ترغيبًا لهم في تقديم الصدقة الواجبة قبل صدقة التطوّع.
وقال ابن الْمُنّيِّر -رحمه اللَّه تعالى-: تسمية النفقة صدقةً، من جنس تسمية الصداق نِحْلَةَ، فلما كان احتياج المرأة إلى الرجل كاحتياجه إليها -في اللذّة والتأنيس، والتحصين، وطدب الولد- كان الأصل أن لا يجب لها عليه شيء، إلا أنّ اللَّه خصّ الرجل بالفضل على المرأة بالقيام عليها، ورَفَعَه عليها بذلك درجةً، فمن ثَمَّ جاز إطلاق النحلة على الصداق، والصدقة على النفقة. انتهى (?).
(وَهُوَ يَحْتَسِبُهَا) الضمير المنصوب يعود إلى النفقة المفهومة من "أنفق". والجملة في محلّ نصبٍ على الحال من الفاعل.
قال في "الفتح": المراد بالاحتساب القصد إلى طلب الأجر. وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- تعالى: معناه أراد بها وجه اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-، فلا يدخل فيه من أنفق عليها ذاهلًا، ولكن يدخل المحتسب، وطريقه في الاحتساب أن يتذكّر أنه يجب عليه الإنفاق على الزوجة، وأطفال أولاده، والمملوك، وغيرهم، ممن تجب نفقته على حسب أحوالهم، واختلاف العلماء فيهم، وأن غيرهم ممن يُنفَقُ عليه مندوبٌ إلى الإنفاق عليهم، فينفق بنيّة أداء ما أُمر به، وقد أُمر بالإحسان إليهم انتهى (كَانَتْ لَهُ صَدَقَةٌ) يحتمل أن تكون "كان" هنا ناقصةً، واسمها ضمير يعود إلى النفقة المفهومة من قوله: "إذا أنفق"، كما تقدّم، و"صدقةً" خبرها: أي كانت النفقة صدقةً له. ويحتمل أن تكون تامّةً، و"صدقةٌ" بالرفع فاعلها، أي حصلت له صدقةٌ.
قال في "الفتح": المراد بالصدقة الثواب، وإطلاقها عليه مجازٌ، وقرينته الإجماع على