فقول السنديّ: قوله: "لم نؤمر به، ولم ننهه عنه الخ": الظاهر أن المراد سقط الأمر به، لا إلى نهي، بل إلى إباحة الخ غير صحيح، فبأي دليل سقط الأمر، وأين ذلك، فهل أخبر النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - به، أو هل ترك الصحابة أداء زكاة الفطر؟ كلّا.
وكذا قوله: وبالجملة، فهذا الحديث يضعّف كون الافتراض قطعيا، ويؤيّد القول بأنه ظنيّ الخ غير صحيح أيضًا، فأين محلّ تضعيفه؟، وأيّ حجة على ذلك؟ هيهات هيهات.
والحاصل أن حديث الباب لا يدلّ على النسخ أصلًا، ولا على ما زعمه السنديّ من أنه يؤيّد رأي الحنفيّة بأن صدقة الفطر واجبة، وليست فرضًا، فتبصّر بالإنصاف، ولا تتهوّر بتقديد ذوي الاعتساف. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسألتان تتعلقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث قيس بن سعد - رضي اللَّه عنهما - هذا صحيح.
(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا-35/ 2506 و 2507 - وفي "الكبرى" 37/ 2285 و 2286 وفي "الصوم" 105/ 2842 و 2286 بتمامه، وفي 105/ 2841 بقصّة الصوم فقط. وأخرجه (ق) في "الزكاة" 1828. (أحمد) في "مسند المكيين" 15051 و"مسند الأنصار" 22331 و 23328. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
2507 - (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ, قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ, عَنْ سُفْيَانَ, عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ, عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ, عَنْ أَبِي عَمَّارٍ الْهَمْدَانِيِّ, عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ, قَالَ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, بِصَدَقَةِ الْفِطْرِ, قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ الزَّكَاةُ, فَلَمَّا نَزَلَتِ الزَّكَاةُ, لَمْ يَأْمُرْنَا, وَلَمْ يَنْهَنَا, وَنَحْنُ نَفْعَلُهُ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَبُو عَمَّارٍ: اسْمُهُ عَرِيبُ بْنُ حُمَيْدٍ, وَعَمْرُو بْنُ شُرَحْبِيلَ, يُكَنَّى أَبَا مَيْسَرَةَ, وَسَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ, خَالَفَ الْحَكَمَ فِي إِسْنَادِهِ, وَالْحَكَمُ أَثْبَتُ مِنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد كلهم رجال الصحيح، و"سفيان": هو الثوريّ. و"أبو عمّار الْهَمْدَاني": عَرِيب بن حُميد -بفتح أوله، وكسر الراء- كوفيّ، ثقة [3] 75/ 2385.
[تنبيه]: قوله: "الهمدانيّ" -بفتح الهاء، وسكون الميم، بعدها دالٌ مهملة- ونسبه في "تهذيب الكمال" إلى "دُهْن" أيضًا، فقال جـ 20 ص 46 - : عَرِيب بن حُمَيد،