وفي حديث جابر بن عَتِيك - رضي اللَّه عنه -: أن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - قال: "سيأتيكم ركبٌ مُبَغّضون، فإذا جاؤوكم، فرحّبوا بهم، وخلّوا بينهم، وبين ما يَبتغون، فإن عَدَلُوا فلأنفسهم، وإن ظلموا فعليها، وأرضوهم، فإن تمام زكاتكم رضاهم، وليدعوا لكم". رواه أبو داود أيضًا، وفي إسناده مجهول أيضًا (?).
(ثُمَّ قَالُوا: وَإِنْ ظَلَمَ؟ قَالَ: "أَرْضُوا مُصَدِّقِيكمْ"، قَالَ: جَرِيرٌ) بن عبد اللَّه - رضي اللَّه عنه - (فَمَا صَدَرَ عَنيِّ مُصَدِّقٌ) أي ما رجع من عندي سَاعٍ. يقال: صدَرَ عن الموضع صَدْرًا، من باب قتل: إذا رجع، قال الشاعر [من البسيط]:
وَلَيلَةٍ قَدْ جَعَلْتُ الصُّبْحَ مَوْعِدَهَا ... صَدْرَ الْمَطِيَّةِ حَتَّى تَعْرِفَ السَّدَفَا (?)
(مُنْذُ سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، إِلاَّ وَهُوَ رَاضٍ) يعني أنه ما رجع من عنده ساعٍ بعد سماعه هذا الحديث من رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - إلا وهو راضٍ عنه؛ لكونه أعطاه ما طلب. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث جرير - رضي اللَّه عنه - هذا أخرجه مسلم.
(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا-14/ 2460 و 2461 - وفي "الكبرى" 15/ 2240 و 2241. وأخرجه (م) في "الزكاة" 989 (د) في "الزكاة" 1589 (ت) في "الزكاة" 647 (ق) في "الزكاة" 1802 (أحمد) في "مسند الكوفيين" 18724 (الدارميّ) 1660. واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
(منها): ما بوّب له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو بيان حكم ما إذا جاوز الساعي في الصدقة القدرَ الواجبَ، وهو أنه يجب إرضاؤه، وقد تقدّم الجمع بينه وبين حديث أنس - رضي اللَّه عنه -: "ومن سئل فوقها، فلا يعط" أولَ الباب، فتنبّه.
(ومنها): أن الإنسان مجبول على الحرص في ماله، ولذا يَظُنّ أحيانًا المصدّق ظالمًا له، ولهذا أمر النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - بإرضاء المصدّق، لأنه لا يظلم، حيث إنه - صلى اللَّه عليه وسلم - لا يرسل إلا العالم الورع، ومع ذلك يوصيه بتوقّي كرائم أموال الناس، وإنما حِرْصُ صاحب المال