[فإن قلت]: كيف يكون متفقًا عليه، وقد تقدم أن أبا عمر الغُدَانيّ ليس من رجال الشيخين؟.
[قلت]: ليس الحديث من روايته فقط، بل أخرجه البخاريّ من طريق معمر، عن همام، عن أبي هريرة - رضي اللَّه عنه -، ومسلم من طريق زيد بن أسلم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، وأخرجه البخاريّ من هذا الوجه أيضًا مختصرًا، ومن طريق أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة مختصرًا أيضًا، وله طرق أخرى أيضًا. واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا- 2/ 2442 و 6/ 2448 - وفي "الكبرى" 2/ 2222 و 6/ 2228. وأخرجه (خ) في "الزكاة" 1402 و 1403 (م) في "الزكاة" 987 (د) في "الزكاة" 1658 (ق) في "الزكاة" 1786 (أحمد) في باقي مسند المكثرين" 7559 و 7663 و 7698 و 27401 و 8447 و 2733 و 8754 و 9971 و 10474 (الموطأ) في "الزكاة" 596. واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف، وهو التغليظ في عقوبة منع الزكاة (ومنها): الدلالة على وجوب الزكاة في الإبل، والبقر، والغنم (ومنها): التنفير من جمع المال، لمن لا يقوم بواجبه، بل يمنع الحقوق الواجبة فيه؛ لما فيه من الوعيد الشديد (ومنها): أنه لا يُقطع لمانع الزكاة بالنار، إن لم يستحلّ ذلك؛ لقوله: "فيرى سبيله إما إلى الجنّة، أو إلى النار". واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): قال الحافظ وليّ الدين -رحمه اللَّه تعالى-: فيه أن هذا الوعيد في حقّ المسلمين والكفّار، فإن الذي يرى سبيله إلى الجنّة هو المسلم، وأما الذي يرى سبيله إلى النِاِر، فيحتمل أن يكون على سبيل التأبيد فيها، فهو الكافر، ويحتمل أن يكون على سبيل التعذيب والتمحيص، ثم دخول الجنة، وهو المسلم.
وفي دخول المسلم في هذا الوعيد الرّدّ على المرجئة الذين يقولون: إنه لا يضرّ مع الإسلام معصية؛ كما لا ينفع مع الكفر طاعة، والكتاب والسنّة مشحونان بما يُخالف قولهم، واعتذروا عن ذلك بأن المراد به التخويف؛ لينزجر الناس عن المعصية، وليس على حقيقته وظاهرِهِ، وهو باطل، ولو صحّ قولهم لارتفع الوثوق عما جاءت به الشرائع، واحتمل في كلّ منها ذلك، وهذا يؤدّي إلى هدم الشرائع، وسقوط فائدتها.
وفي دخول الكافر في هذا الوعيد دليل على أن الكفّار مخاطبون بفروع الشريعة، وبه قال الشافعيّة، خلافًا للمعتزلة، والحنفيّة، وقد يجيبون عن هذا بأن المراد دخوله النار