لو حاسب فيه غير اللَّه سبحانه لكان بهذا العدد (حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ) بالبناء للمفعول: أي حتى يُفرغ من حساب الناس.

قال الحافظ العراقيّ -رحمه اللَّه تعالى- في "شرح الترمذيّ": يمكن أن يؤخذ منه أن مانع الزكاة آخر من يُقضَى فيه، وأنه يُعذّب بما ذُكر حتى يُفرغ من القضاء بين الناس، فيُقضى فيه بالنار، أو الجنّة. ويحتمل أن المراد حتى يُشرع في القضاء بين الناس، ويجيء القضاء فيه، إما في أولهم، أو وسطهم، أو آخرهم على ما يريد اللَّه، وهذا أظهر انتهى.

قال ولده وليّ الدين -رحمه اللَّه تعالى-: قد يشير إلى الأول قوله: {فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} [المعارج: 4]، ويقال: إنما ذُكر في معرض استيعاب ذلك اليوم بتعذيبه؛ لجواز أن يكون القضاء فيه آخر الناس، وإن احتمل أن يكون فصل أمره في وسطه، واللَّه أعلم انتهى (?).

(فَيَرَى سَبِيلَهُ) زاد في رواية مسلم: "إما إلى الجنّة، وإما إلى النار". قال النوويّ: قوله: "فيرى سبيله": ضبطناه بضم الياء، وفتحها، وبرفع لام "سبيله"، ونصبها انتهى (?).

وقال الحافظ وليّ الدين: الوجهان في رفع لام "سبيله" ونصبها إنما يجيئان مع ضمّ الياء، فأما مع فتح الياء، فيتعيّن نصب اللام انتهى (?).

(وَأَيَّمَا رَجُلٍ، كَانَتْ لَهُ بَقَرٌ) اسم جنس، واحدته بقرة بهاء (لَا يُعْطِي حَقَّهَا) أي لا يؤدي زكاتها، أو ما هو أعمّ من ذلك.

وفيه دليل على وجوب الزكاة في البقر، قال النوويّ -رحمه اللَّه تعالى-: وهذا أصحّ الأحاديث الواردة في زكاة البقر انتهى (فِي نَجْدَتهِا وَرِسلِهَا، فَإِنهَا تَأتي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أغَذ مَا كَانَتْ، وَأَسْمَنَهُ، وَآشَرَهُ، يُبْطَحُ لَهَا، بِقَاع قَرْقَرِ، فَتَنْطَحُهُ) -بكسر الطاء المهملة، وفتحها لغتان، حكاهما الجوهريّ وغيره، والكسر أفصح، وهو المعروف في الرواية.

قاله النوويّ (كُلُّ ذَاتِ قَرْنٍ بِقَرْنَها، وَتَطَؤُهُ كُلُّ ذَاتِ ظِلْفٍ بِظِلْفِهَا) "الظلف" -بكسر، فسكون-: للبقر، والغنم، والظباء، وهو المنشقّ من القوائم. قاله النوويّ. وقال القرطبيّ: هو الظفر من كلّ دابّة مشقوقة الرجل، ومن الإبل الخفّ، ومن الخيل، والبغال، والحمير: الحافر انتهى (?) (إِذَا جَاوَزَتهُ) أي مرّت عليه، وتعدّته (أُخْرَاهَا،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015