[تنبيهان]:

(أحدهما): كان أصل دخول اليهودية في اليمن في زمن أسعد أبي كُريب، وهو تُبّعٌ الأصغر، كما حكاه ابن إسحاق في أوائل "السيرة النبويّة".

(ثانيهما): قال ابن العربيّ في "شرح الترمذيّ": تبرّأت اليهود في هذه الأزمان من القول بأن عزيزًا ابنُ اللَّه، وهذا لا يمنع كونه موجودًا في زمن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -؛ لأن ذلك نزل في زمنه، واليهود معه بالمدينة وغيرها، فلم يُنقل عن أحد منهم أنه ردّ ذلك، ولا تعقّبه، والظاهر أن القائل بذلك طائفة منهم، لا جميهم بدليل أن القائل من النصارى: إن المسيح ابن اللَّه طائفة منهم، لا جميعهم، فيجوز أن تكون تلك الطائفة انقرضت في هذه الأزمان، كما انقلب اعتقاد معظم اليهود عن التشبيه إلى التعطيل، وتحوّل معتقد النصارى في الابن، والأب إلى أنه من الأمور المعنوية، لا الحسيّة، فسبحان مقلّب القلوب. (?).

وكتب العلامة الصنعانيّ -رحمه اللَّه تعالى- على قول ابن العربيّ: ولم ينقل عن أحد منهم ردّ ذلك، ولا تعقّبه: ما نصّهُ: ونقول: إنهم لا يُصَدَّقون الآن في دعوى البراءة، فإنهم يُكَذّبون نصّ القرآن، فإن اللَّه أخبرنا بأن صفات رسولنا محمد - صلى اللَّه عليه وسلم - عندهم، يجدونه مكتوبا في التوراة والإنجيل، وأنكروا ذلك، فكيف تقبل براءتهم مما حكاه اللَّه عنهم من قولهم: {عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ} [التوبة: 30]، وإن أراد ابن العربي أن الموجودين في زمنه تبرأوا من قولهم بذلك، فلا يُجدي نفعًا، ولا ينفي إشراك آبائهم، وإن قيل: إن بعض اليهود كان يقول ذلك، فكذلك قد قيل: إن بعض النصارى يقول ذلك، وقد نسب اللَّه القول إلى اليهود والنصارى جملة. انتهى. كلام الصنعانيّ (?). وهو بحث نفيس. واللَّه تعالى أعلم.

(فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوكَ بذَلِكَ) ولفظ "الكبرى": "فإن هم أطاعوا بذلك": أي انقادوا، وفي رواية ابن خُزيمة: "فإن هم أجابوا لذلك"، وفي رواية الفضل بن العلاء: "فإذا عرفوا ذلك".

واستُدلّ به على أن أهل الكتاب ليسوا بعارفين، وإن كانوا يعبدون اللَّه، وُيظهرون معرفته.، لكن قال حذاق المتكلّمين: ما عَرَفَ اللَّهَ من شبّهه بخلقه، أو أضاف إليه اليد، أو أضاف إليه الولد، فمعبودهم الذي عبد وه ليس هو اللَّه، وإن سمّوه به. قاله في "الفتح".

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الذي قاله هؤلاء المتكلّمون مشتمل على حقّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015