أي هذا كتاب تُذكر فيه الأحاديث الدّالة على أحكام الزكاة.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: قد تقدّم في أول "كتاب الصيام" وجه تأخير المصنّف -رحمه اللَّه تعالى- لـ "كتاب الزكاة" عن "كتاب الصيام"، فراجعه تستفد، وباللَّه تعالى التوفيق.
قال العلامة ابن الأثير -رحمه اللَّه تعالى-: قد تكرر في الحديث ذكر "الزكاة"، و"التزكية"، وأصل "الزكاة" في اللغة: الطهارة، والنماء، والبركة، والمدح، وكلّ ذلك قد استُعمِل في القرآن، والحديث، ووزنها فَعَلَة كالصدقة، فلما تحركت الواو، وانفتح ما قبلها انقلبت ألفًا، وهي من الأسماء المشتركة بين الْمُخرَج، والفعل، فتُطلَق على العين، وهي الطائفة من المال المزَكَّى بها، وعلى المعنى، وهو التزكية. ومن الجهل بهذا البيان أتِي من ظَلَم نفسه بالطعن على قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ} [المؤمنون: 4] ذاهبًا إلى العين، وإنما المراد المعنى الذي هو التزكية، فالزكاة طُهْرة للأموال، وزكاة الفطر طُهرة للأبدان انتهى (?).
وقال الفيّوميّ -رحمه اللَّه تعالى-: والزكاء بالمدّ: النماء، والزيادة، يقال: زكا الزرع والأرض تزكو زُكُوًّا، من باب قعد، وأزكى بالألف مثله، وسُمّي القدرُ الْمُخرَج من المال زكاةً؛ لأنه سبب يُرجى به الزكاءُ، وزكى الرجلُ ماله -بالتشديد تزكيةً، والزكاةُ اسم منه، وأزكى اللَّه المالَ، وزكّاه بالألف، والتثقيل. وإذا نسبت إلى الزكاة وجب حذفُ الهاء، وقلبُ الألف واوًا، فيقال: زكويّ، كما يقال في النسبة إلى حصاة حَصَويّ؛ لأن النسبة تردّ إلى الأصول، وقولهم: زكاتيّةٌ عاميّ، والصواب زكويّة انتهى (?).
وقال النوويّ -رحمه اللَّه تعالى- في "المجموع": قال الإمام أبو الحسن الواحديّ: الزكاة تطهير للمال، وإصلاح له، وتمييز، وإنماء، كلّ ذلك قد قيل، قال: والأظهر أن أصلها عن الزيادة، يقال: زكا الزرع يزكو زَكَاءً ممدود، وكلّ شيء ازداد فقد زكا، قال: والزكاة أيضًا الصلاح، وأصلها من زيادة الخير، يقال: رجلٌ زَكِيٌّ: أي زائد الخير، من قوم أزكياء، وزَكَّى القاضي الشهودَ: إذا بيّن زيادتهم في الخير، وسمي ما يُخرَج من
المال للمساكين بإيجاب الشرع زكاة؛ لأنها تزيد في المال الذي أُخرِجت منه، وتوفّره