المعدة، وإنما يذهب بالسواك ما كان في الأسنان من التغيرّ. وقال البَرْقيّ: هو تغيّر طعم الفم، وريحه لتأخّر الطعام. وقال عياض: هو ما يخلف بعد الطعام في الفم من رائحة كريهه؛ لخلوّ المعدة من الطعام (?).
[تنبيه]: "الخلوف" بالضبط المذكور هو المشهور في الرواية، وومع عند البخاريّ في رواية الكشميهنيّ: "لَخُلُف" بحذف الواو، قال العينيّ: والظاهر أنه جمع خلفَة- بالكسر. وقال ابن الأثير: الخِلْفة -بالكسر- تغيّر ريح الفم، وأصلها في النبات أن ينبت الشىء بعد الشيء؛ لأنها رائحه بعد الرائحة الأولى، وروي في غير البخاريّ بهذه اللفظة، أعني "خِلْفَة" انتهى (?).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -. هذه الرواية ستأتي للمصنف في الباب التالي رقم - 2219 - ولفظه: "والذي نفس محمد بيده لَخِلْفَة فم الصائم أطيب عند اللَّه من ريح المسك". واللَّه تعالى أعلم.
[فائدة]. قوله: "فم الصائم" فيه ردّ على أبي عليّ الفارسي في قوله: إن ثبوت الميم في "الفم" خاصّ بضرورة الشعر (?)، فقد ثبت في هذا الحديث في الاختيار، وأما في الشعر فقد ثبت في قوله [من الرجز]:
كَالْحُوتِ لاَ يُلْهيهِ شَيْءٌ يَلْقَمُهُ ... يُصْبِحُ ظَمْآنَ وَفِي الْبَحْرِ فَمُة
(أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ، مِنْ رِيحِ الْمِسْكٍ") وفي لفظ مسلم، والنسائيّ (?). "أطيب عند اللَّه يوم القيامة".
وقد وقع اختلاف بين الإمامين: أبي عمرو بن الصلاح، ومحمد بن عبد السلام -رحمهما اللَّه تعالى-، فذهب الأول إلى أن هذا الطيب في الدنيا والآخرة، وذهب الثاني إلى أنه في الآخرة خاصّة، مستدلًا بهذه الرواية.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: ما ذهب إليه ابن الصلاح هو الأرجح، وقد ذكرت تحقيق ذلك في أوائل هذا الشرح، في شرح حديث: "لولا أن أشقّ على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة" برقم -7/ 7 - فراجعه تستفد، واللَّه تعالى ولي التوفيق، وهو المستعان، وعليه التكلان.