("فَقَد عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ، - صلى اللَّه عليه وسلم -") هو كنية رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -. قيل: فائدة تخصيص هذه الكنية الإشارةُ إلى أنه هو الذي يَقسِم بين عباد اللَّه أحكامه زمانًا ومكانًا، وغير ذلك.
وأخرج ابن أبي شيبة 3/ 72 عن عبد العزيز بن عبد الصمد العمّيّ، عن منصور، عن رِبْعِيّ: "أن عمارًا، وناسًا معه أتوهم بمسلوخة مشوية في اليوم الذي يُشكّ فيه أنه من رمضان، أو ليس من رمضان، فاجتمعوا، واعتزلهم رجل، فقال له عمار: تعالَ، فكل، فقال: إني صائم، فقال له عمار: إن كنت تؤمن باللَّه واليوم الآخر، فتعالَ، وكل".
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الإسناد صحيح، وحسّنه الحافظ في "الفتح".
ورواه عبد الرزّاق (7318) عن الثوريّ، عن منصور، عن ربعيّ بن حراش، عن رجل، قال: كنا عند عمار بن ياسر ... فذكره، فزاد بين ربعيّ، وبين عمّار رجلاً.
وله شاهد من وجه آخر أخرجه إسحاق بن راهويه من رواية سماك، عن عكرمة، ومنهم من وصله بذكر ابن عباس - رضي اللَّه عنهما - فيه (?). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث عمار - رضي اللَّه عنه - هذا صحيح، صححه الترمذيّ، ونقل المنذريّ تصحيحه، وأقره عليه، وصححه ابن خُزيمة، وابن حبّان، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبيّ، وقال الدارقطنيّ: حديث صحيح، ورواته كلهم ثقات.
[تنبيه]: قال الحافظ العراقيّ في "شرح الترمذيّ": جمع الصاغانيّ في تصنيف له الأحاديث الموضوعة، فذكر فيه حديث عمار المذكور، وما أدري ما وجه الحكم عليه بالوضع؟، وليس في إسناده من يُتّهم بالكذب، وكلهم ثقات، قال: وقد كتبت على الكتاب المذكور كرّاسة في الردّ عليه في أحاديث، منها هذا الحديث، قال: نعم في اتصاله نظر، ذكر المزّيّ في "الأطراف" أنه روي عن أبي إسحاق السبيعيّ أنه قال: حُدِّثتُ عن صِلَة بن زُفر، لكن جزم البخاريّ بصحته إلى صلة، فقال في "صحيحه": وقال صلة الخ، وهذا يقتضي صحته عنده. وقال البيهقيّ في "المعرفة": إن إسناده صحيح انتهى.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الحاصل أن الحديث صحيح، كما مرّ بيانه آنفًا. واللَّه تعالى أعلم.