ذلك لا يتحوّل، ولا يتبدل، ولا يؤثّر فيه دعاء، ولا عمل صالح، فقد خالفوا ما قدمنا من آيات كتاب اللَّه العزيز، ومن الأحاديث النبويّة الصحيحة، من غير ملجيء إلى ذلك، فقد أمكن الجمع على ما قدمناه، وهو متعيّن، وتقديم الجمع على الترجيح متفق عليه، وهو الحقّ.

وقالوا: إن اللَّه لا يعلم بالجزئيات، إلا عند وقوعها تعالى عن ذلك، وهذا قول باطل، يخالف كتاب اللَّه، وسنة رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، وإجماع المسلمين، وقد تبرّأ من مقالة معبد هذه، وأصحابه من أدركهم من الصحابة، منهم ابن عمر، كما ثبت ذلك في "الصحيح" (?).

وقد غلط من نسب مقالتهم إلى المعتزلة، فإنه لم يقل بها أحد منهم قط، وكتبهم مصرّحة بهذا، ناطقة به، ولا حاجة لنا إلى نقل مقالات الرجال، فقد قدمنا من أدلة الكتاب والسنن، والجمع بينهما ما يكفي المنصف، وُيريحه من الأبحاث الطويلة العريضة الواقعة في هذه المسائل، ومن الإلزامات التي ألزم بها بعض القائلين البعض الآخر، ودين اللَّه سبحانه بين المفرّط والغالي، وفي هذا القدر كفاية لمن له هداية، واللَّه وليّ التوفيق. تمّت. انتهى الرسالة.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الذي حققه الإمام الشوكانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-، من أن الصواب قول من قال: إن العمر يزيد، وينقص، وتقدم عن شيخ الإسلام ابن تيميّة -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- قوله: إنه الصواب، هو الحقّ عندي؛ لموافقته لظواهر الكتاب والسنن الصحيحة، كما سبق تقريره في كلام الشوكانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-.

خاتمة: مما يدلّ على زبادة العمر ونقصه، ويؤيّد القول الراجح الذي ذكرناه: ما أخرجه الإمام الترمذيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- في "جامعه"، وصححه -وهو كما قال- فقال:

3076 - حدثنا عبد بن حميد، حدثنا أبو نعيم، حدثنا هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -: "لما خلق اللَّه آدم، مسح ظهره، فسقط من ظهره كل نسمة، هو خالقها من ذريته، إلى يوم القيامة، وجعل بين عيني كل إنسان منهم وَبِيصا من نور، ثم عرضهم على آدم، فقال: أي رب من هؤلاء؟ قال: هؤلاء ذريتك، فرأى رجلا منهم، فأعجبه وبيص ما بين عينيه، فقال: أي رب من هذا؟ فقال: هذا رجل من آخر الأمم، من ذريتك، يقال له: داود، فقال: رب كم جعلت عمره؟ قال: ستين سنة، قال: أي رب، زده من عمري أربعين سنة، فلما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015