وقال: لا يُتابع عليهما.
ومنها: ما أخرجه الترمذيّ، وابن ماجه عن عبد اللَّه بن مسعود - رضي اللَّه عنه - عن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، قال: "من عزى مصابًا، فله مثل أجره". وفيه انقطاع، وإنما وصله علي بن عاصم، وأنكروا عليه ذلك، وله شواهد، كلها أشدّ ضعفا منه (?). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
المسألة الرابعة:
أحسن ما يُعزّى به المصاب ما أخرجه الشيخان، وغيرهما عن أسامة بن زيد - رضي اللَّه عنهما -، قال: أرسَلَت إحدى بنات النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - إليه تدعوه، وتخبره أن صبيّا لها، أو ابنا في الموت، فقال للرسول: "ارجع، فأخبرها أن للَّه ما أخذ، وله ما أعطى، وكلّ شيء عنده بأجل مسمّى، فمرها، فلتصبر، ولتحتسب".
فينبغي لمن أراد التعزية أن يعزي به اقتداء بالنبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -. وأما ما يُذكر في كتب الفقهاء من صِيَغ التعزية المختلفة، مثل قولهم: يستحب أن يدعو للمصاب وللميت، فيقول: أعظم اللَّه أجرك، وأحسن عزاءك. وإن عزْى مسلما بكافر قال: أعظم اللَّه أجرك، وأحسن عزاءك، وإن عزى كافرا بمسلم قال: أحسن اللَّه عزاءك، وغفر لميتك، وإن عزى كافرا بكافر قال: أخلف اللَّه عليك، ولا نقص عددك.
فليس له دليل في المرفوع، بل هو من استحساناتهم، ولا سيما الأخير، فإنه، وإن عللوه بأن فيه تكثيرا للْجِزْيَة، فلا ينبغي أن يُدعَى به، لأن فيه دعاء ببقاء الكافر، ودوام كفره، كما قاله النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-.
وكذا ما استحبه بعضهم من التعزية بما عزّى به الخضر (?) عند موت النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، وهو ما رواه الشافعي في "مسنده" عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جدّه، قال: لما توفي رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - وجاءت التعزية، سمعوا قائلا يقول: "إن في اللَّه عزاء من كلّ مصيبة، وخلفا من كلّ هالك، ودركًا من كل فائت، فبالله، فثقوا، وإياه فارجوا،، فإن المصاب من حرم الثواب".
فلا يثبت، لأن في سنده القاسم بن عبد اللَّه بن عمر، وقد كذبه أحمد، ويحيى،