ذنبه، كما أنشأ خلقه منه، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

المسألة الأولى: في درجته: حديث أبي هريرة - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا متفق عليه.

المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا -117/ 2077 - وفي "الكبرى" 117/ 2204. وأخرجه (خ) 4814 و 4935 (م) 2955 (د) 4743 (ق) 4266 (أحمد) 8084 و 9244 و 10099 (الموطأ) 565. واللَّه تعالى أعلم.

المسألة الثالثة: قال الحافظ وليّ الدين -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: كون ابن آدم يأكله التراب عامّ مخصوص، فإن الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام -، لا تبلى أجسامهم الكريمة، وقد قال النبيّ - صلى اللَّه تعالى عليه وسلم -: "إن اللَّه حرّم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء". واستثنى ابن عبد البرّ معهم الشهداء، قال: وحسبك ما جاء في شهداء أحد، وغيرهم، ثم ذكر حديث جابر لما نَقَلَ أباه في خلافة معاوية حين أراد إجراء العين التي في أسفل أُحُد، وقوله: "فأخرجناهم رطابًا، يتسنّون، فأصابت الْمِسْحَاة أصبع رجل منهم، فتقطّر الدم". واقتصر القاضي عياض على قوله: وكثير من الشهداء، فدلّ على أنه يرى أن بعض الشهداء قد تأكل الأرض جسده، ولعله أشار بذلك إلى المبطون، ونحوه، من الملحقين بالشهداء. وضمّ أبو العباس القرطبيّ إلى الصنفين المؤذّن المحتسب، لقوله - صلى اللَّه عليه وسلم -: "المؤذّن المحتسب كالمتشحّط في دمه، وإن مات لم يدود في قبره" (?). قال: وظاهر هذا أن الأرض لا تأكل أجساد المؤذّنين المحتسبين، فللحديث إذًا تأويلان:

أحدهما: قال ابن عبد البر: كأنه قال: كلّ من تأكله الأرض، فإنه لا تأكل منه عجب الذنب، قال: وإذا جاز أن لا تأكل الأرض عجب الذنب جاز أن لا تأكل الشهداء.

الثاني: قال القاضي عياض: يريد أن جميع الإنسان مما تأكله الأرض، وإن كانت لا تأكل أجسامًا كثيرةً، كالأنبياء، وكثير من الشهداء. انتهى (?).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الذي صحّ لدينا ممن لا يبلى جسده هم الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام -، وأما الشهداء، فليس عليه دليل مرفوع يُستَنَد إليه، وإنما صحّ بما أخبر به جابر من خبر أبيه، ومَن دفن معه، ونحو ذلك، ولا يستبعد أن يكرم اللَّه تعالى الشهداء بذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015