قال الإمام ابن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: واختلفوا في استعمال المسك في حنوط الميت، فكان ابن عمر - رضي اللَّه عنهما -، يطيب الميت بالمسك، وجُعِل في حَنُوط أنس - رضي اللَّه عنه - صُرَّةٌ من مسك، وروينا عن عليّ - رضي اللَّه عنه - أنه أوصى أن يجعل في حنوطه مسك، وقال: هو فضل (?) حنوط النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -. قال: وممن رأى أن الميت يُطيّب بالمسك محمدُ بن سيرين، ومالك، والشافعيّ، وأحمد، وإسحاق. وكذلك نقول، وفي أمر النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - المرأة أن تاخذ عند اغتسالها من المحيض فِرْصَة ممسّكة دليل على طهارة المسك، مع ما روينا عنه أنه قال: "أطيب الطيب المسك"، ثم أخرج بسنده حديث الباب.
قال: وقد روينا عن عطاء، والحسن، ومجاهد، أنهم كرهوا ذلك.
قال: وكلّ من نحفظ عنه من أهل العلم يَستحبّون إجمار ثياب الميت. قال: واستحبّ كثير منهم أن يكون ذلك وترًا، والذي يُكَفَّن الميت، ويُحَنِّطه يجعل في حنوطه ما شاء من الطيب، إلا الزعفران، فإن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - نهى أن يتزعفر الرجل، وأحبّ ما استُعمِل في حنوطه الكافورُ، للثابت عن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - أنه قال: للنسوة اللواتي غسلن ابنته: "اجعلن كافورًا، أو شيئًا من كافوار" انتهى كلام ابن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- باختصار (?)، وهو نفيسٌ بحثٌ جدًّا. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
1906 - أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ الدِّرْهَمِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا أُمَيَّةُ بْنُ خَالِدٍ, عَنِ الْمُسْتَمِرِّ بْنِ الرَّيَّانِ, عَنْ أَبِي نَضْرَةَ, عَنْ أَبِي سَعِيدٍ, قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: «مِنْ خَيْرِ طِيبِكُمُ الْمِسْكُ».
رجال هذا الإسناد: خمسة:
1 - (عليّ بن الحسين الدِّرْهميّ) البصريّ، صدوق [11] 17/ 1547.
2 - (أُميّة بن خالد) بن الأسود بن هُدْبة، وقيل: ابن خالد بن هُدْبة بن عُتْبَة الأزديّ القيسيّ، أبو عبد اللَّه البصريّ، أخو هُدْبة، وكان أكبر منه، صدوق [9].
قال أبو زرعة، وأبو حاتم، والترمذيّ: ثقة. وقال العجليّ: ثقة. وذكره ابن حبّان في "الثقات". وقال الدارقطنيّ: ما علمت إلا خيرًا. وروى العقيليّ في "الضعفاء" عن الأثرم، قال: سمعت أبا عبد اللَّه يُسال عن أميّة بن خالد، فلم أره يحمده في الحديث، قال: إنما كان يُحدّث من حفظه، لا يُخرج كتابًا، وما أبدى العقيليّ فيه غير حديث واحد وصله، وأرسله غيره. وذكره أبو العرب في "الضعفاء"، فلم يصنع شيئا.
مات سنة (200) وقيل: سنة (201). روى له الجماعة، سوى البخاريّ، وابن