تعالى أعلم.

قال الفيّوميّ --رَحِمَهُ اللَّهُ- تَعَالَى-: الْمِسْكُ طيب معروف، وهو معرّبٌ، والعرب تسميه المشموم، وهو عندهم أفضل اليب، ولهذا ورد: "لخُلُوفُ فم الصائم عند اللَّه أطيب من ريح المسك"، ترغيبًا في إبقاء أثر الصوم. قال الفَرَّاء: المسك مذكّرٌ، وقال غيره: يذكّر، ويؤنّث، فيقال: هو المسكُ، وهي المسك، وأنشد أبو عُبيدة على التأنيث قولَ الشاعر [من الرجز]:

وَالْمِسْكُ وَالْعَنْبَرُ خَيْرُ طِيبِ ... أُخِذَتَا بِالثَّمَنِ الرَّغِيب

وقال السجستانيّ: من أنّثَ المسك جعله جمعًا، فيكون تأنيثه بمنزلة تأنيث الذَّهَبِ والعَسَل، قال: وواحدته: مِسْكَةٌ، مثلُ ذَهَبٍ وذَهَبَة: قال ابن السِّكِّيت: وأصله: مِسِكٌ بكسرتين، قال رُؤْبَة [من الرجز]:

إِنْ تُشْفَ نَفْسِي مِنْ ذُبَابَاتِ الْحَسَكْ ... أَحْرِ بِهَا أَطْيَبَ مِنْ رِيحِ الْمِسِكْ

وهكذا رواه ثَعْلَبٌ، عن ابن الأعرابيّ. وقال ابن الأنباريّ: قال السِّجِسْتَانيّ: أصله السكون، والكسر في البيت اضطرار، لإقامة الوزن، وكان الأصمعيّ يُنشد البيتَ بفتح السين، ويقول: هو جمع مِسْكَة، مثلُ خِرْقَة وخِرَق، وقِرْبَةٍ وقِرَب، ويؤيّد قول السجستانيّ أنه لا يوجد فِعِل بكسرتين إلا إِبِلٌ، وما ذُكر معه، فتكون الكسرة لإقامة الوزن، كما قيل [من الرجز]:

عَلَّمَنَا إِخْوَانُنَا بَنُو عِجِلْ ... شُرْبَ النَّبِيذِ وَاعْتِقَالاَ بِالرِّجِلْ

والأصل السكون باتفاق، أو تكون الكسرة حركة الكاف نُقلت إلى السين لأجل الوقف، وذلك سائغ انتهى (?). واللَّه تعالى أعلم بالصواب.

1905 - أَخْبَرَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلاَنَ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ, وَشَبَابَةُ, قَالاَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ, عَنْ خُلَيْدِ بْنِ جَعْفَرٍ, سَمِعَ أَبَا نَضْرَةَ, عَنْ أَبِي سَعِيدٍ, قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: «أَطْيَبُ الطِّيبِ الْمِسْكُ».

رجال هذا الإسناد: سبعة:

1 - (محمود بن غَيلان) أبو أحمد المروزيّ، ثقة [10] 33/ 37.

2 - (أبو داود) سليمان بن داود بن الجارود الطيالسيّ البصريّ، ثقة حافظ [9] 13/ 343.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015