لطائف هذا الإسناد:
(منها): أنه من سداسيات المصنف، و (منها): أن رجاله كلهم رجال الصحيح. ومنها: أنه مسلسل بالمدنيين من عبيد اللَّه، والباقيان بصريان. (ومنها): أن فيه رواية صحابي، عن صحابيّ، وتابعي، عن تابعيّ، والابن عن أبيه. واللَّه تعالى أعلم.
شرح الحديث
(عَنْ عُمَرَ) بن الخطاب - رضي اللَّه عنه - (عَنِ النَّبِيِّ - صلى اللَّه عليه وسلم -) أنه (قَالَ: الْمَيِّتُ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ) أي: بسبب بكائهم على موته، واختُلف في معنى هذا الحديث على أقوال، والراجح أنه يعذّب إذا كان ذلك من عادته وسنته، كما هو مذهب الإمام البخاريّ -رحمه اللَّه تعالى-، وسيأتي تحقيق الخلاف في ذلك قريبًا إن شاء اللَّه تعالى. واللَّه تعالى أعلم، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
المسألة الأولى: فى درجته. حديث عمر بن الخطاب - رضي اللَّه عنه - هذا متفق عليه.
المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنّف له، ومن أخرجه معه:
أخرجه هنا-14/ 1848 و1850 و 1853 و 1855 و 1856 و 1857 و 1858 وأخرجه (خ) 1288 و 1289 و1290 و 1292 و 3979 (م) 927 و 928 و 929 و930 و931 و 932 (ت) 1002 و 1004 و 1006 (ق) 1593 (أحمد) 191 و 249 و 266 و 290 و296 واللَّه تعالى أعلم.
المسألة الثالثة: في اختلاف أهل العلم في معنى قوله - صلى اللَّه عليه وسلم - "الميت يعذّب ببكاء أهله عليه":
(اعلم): أنهم اختلفوا في ذلك على أقوال.
الأول: حَمْلُهُ على ظاهره، وهو بيِّنٌ من قصة عمر مع صُهيب - رضي اللَّه عنه - كما سيأتي في الباب التالي [1858]، ويحتمل أن يكون عمر كان يرى أن المؤاخذة تقع على الميت إذا كان قادرًا على النهي، ولم يقع منه، فلذلك بادر إلى نهي صُهيب - رضي اللَّه عنهما -، وكذلك نهى حفصة - رضي اللَّه عنها -، كما في "صحيح مسلم" من طريق نافع، عن ابن عمر، عنه. وممن أخذ بظاهره أيضًا عبد اللَّه بن عمر، فروى عبد الرزّاق أنه شهد رافع بن خَدِيج، فقال لأهله: "إن رافعًا شيخ كبير, لا طاقة له بالعذاب، وإن الميت يُعذّب ببكاء أهله عليه".
الثاني: قول من ردّ هذا الحديث، وعارضه بقوله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} الآية [فاطر: 18]، وممن رُوي عنه الإنكار مطلقًا أبو هريرة، كما رواه أبو يعلى من طريق