(أَوْ "فَلِمَ تَبْكِي؟) "أو" للشكّ من الراوي، والاستفهام للإنكار، فيكون بمعنى النهي.

وفي رواية البخاريّ: "قال: فلم تبكي؟ أو لا تبكي" قال في "الفتح": هكذا في هذه الرواية بكسر اللام، وفتح الميم، على أنه استفهام عن غائبة، وأما قوله: "أو لا تبكي"، فالظاهر أنه شكّ من الراوي، هل استفهَمَ، أو نَهى، لكن تقدم -يعني في رواية البخاري- من رواية شعبة "تبكين، أو لا تبكين"، وتقدم شرحه على التخيير، ومحصله أن هذا الجليل القدر الذي تظلّه الملائكة بأجنحتها لا ينبغي أن يُبكَى عليه، بل يُفرح له بما صار إليه انتهى (?).

وقال في موضع آخر: قوله: "تبكين، أو لا تبكين" للتخيير، ومعناه أنه مكرم بصنيع الملائكة، وتزاحمهم عليه لصعودهم بروحه، ويحتمل أن يكون شكّا من الراوي انتهى (?).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: حمله على التخيير فيه نظر، إذ تعارضه رواية شعبة عند المصنف -كما سيأتي في الباب التالي- بلفظ: "لا تبكيه" بالنهي الجازم، فالأولى حمله على الشكّ، فيكون قوله: "تبكين" استفهامًا بتقدير أداته، أي أتبكين؟، والاستفهام الإنكاريّ بمنزلة النهي، فلا اختلاف بين رواية سفيان، وشعبة في المعنى. واللَّه تعالى أعلم.

(مَا زَالَتِ الْمَلَائِكَةُ تُظِلُّهُ بِأَجْنِحَتِهَا) هذه الجملة تعليل للنهي عن البكاء، أي لأن من كان مُعزّزًا مُكرّما بعناية الملَائكة به لا ينبغي أن يُبكَى عليه، بل يُفرح به ("حَتَّى رُفِعَ") وفي رواية شعبة: "حتى رفعتموه"، وهو غاية لتظليل الملائكة له، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

المسألة الأولى: في درجته: حديث جابر - رضي اللَّه عنه - هذا متفق عليه.

المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا-12/ 1842 و 13/ 1845 - وفي "الكبرى"-12/ 1969 و 13/ 1972 وأخرجه (خ) 1242 و 1293 و 2816 (م) 2471 (أحمد) 13775 و 13883. واللَّه تعالى أعلم.

المسألة الثالثة: في فوائده:

منها: ما ترجم له المصنف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو استحباب تسجية الميت، قال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015