من نعم اللَّه عليّ، أن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - تُوُفي في بيتي، وفي يومي، وبين سحري ونحري، وأن اللَّه جمع بين ريقي وريقه عند موته، دخل عليّ عبد الرحمن، وبيده السواك، وأنا مسندة رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، فرأيته ينظر إليه، وعرفت أنه يحب السواك، فقلت: آخذه لك؟ فأشار برأسه أن نعم، فتناولته، فاشتد عليه، وقلت: أُلَيِّنُه لك؟ فأشار برأسه أن نعم، فلينته، فأمرّه، وبين يديه ركوة أو عُلْبة -يشك عمر- فيها ماء، فجعل يُدخل يديه في الماء، فيمسح بهما وجهه، يقول: "لا إله إلا اللَّه، إن للموت سكرات"، ثم نصب يده، فجعل يقول: "في الرفيق الأعلى" حتى قبض، ومالت يده". انتهى (?).
وعند أحمد، والترمذي، وغيرهما من طريق القاسم، عن عائشة؟، قالت: رأيته وعنده قَدَحٌ فيه ماء، وهو يموت، فيدخل يده في القدح، ثم يمسح وجهه بالماء، ثم يقول: "اللَّهم أعني على سكرات الموت". انتهى (?). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
المسألة الأولى: في درجته: حديث عائشة - رضي اللَّه عنها - هذا أخرجه البخاري.
المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -6/ 1830 - و"الكبرى" 6/ 1956 وأخرجه (خ) 4446 و (أحمد) 23833 و 23961. واللَّه تعالى أعلم.
المسألة الثالثة: في فوائده:
منها: ما ترجم له المصنف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو بيان فضل شدّة الموت. ومنها: عِظَمُ منزلة النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - عند ربه حيث ضاعف له الأجر بشدة المرض. ومنها: أن شدة البلاء تكون بقدر رفعة منزلة العبد عند اللَّه تعالى، فأشد الناس بلاءً الأنبياءُ، ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم. ومنها: فضل عائشة - رضي اللَّه عنها -، حيث خصّها اللَّه تعالى بأن مات النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - في بيتها، وفي يومها، وبين سَحْرِها ونَحْرها. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".
...