الفجر (تِسْعَ رَكَعَاتِ) بالنصب على البدلية من "ثلاث عشرة" (قَائِمًا، يُوتِرُ فِيهَا) أي يصلي الوتر في جملة تلك التسع، بمعنى أنه يختمها بالوتر (وَ) يصلي (رَكْعَتَيْنِ جَالِسًا، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ قَامَ، فَرَكِعَ، وَسَجَدَ، وَيَفعَلُ ذَلِكَ بَعدَ الْوِتْرِ، فَإذَا سَمِعَ نِدَاءَ الصُّبْحِ) أي الأذان لصلاة الصبح (قَامَ، فرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ) فيه استحباب تخفيف ركعتي الفجر، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلق بهذا الحديث:
المسألة الأولى: في درجته: حديث عائشة - رضي اللَّه عنها - هذا متفق عليه.
المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنّف له:
أخرجه هنا 55/ 1756 وفي "الكبرى" 70/ 1449 بالإسناد المذكور. وفي 60/ 1780 عن محمود بن خالد، عن الوليد بن مسلم، عن أبي عمرو الأوزاعيّ، عن يحيى ابن أبي كثير به. وفي 60/ 1781 - عن إسماعيل بن مسعود، عن خالد بن الحارث، عن هشام الدستوائيّ، عن يحيى به. وفي "الكبرى" 53/ 450 عن إسحاق بن إبراهيم، عن معاذ بن هشام، عن أبيه به. و 45/ 413 - عن هشام بن عمار، عن يحيى بن حمزة، عن الأوزاعيّ به. واللَّه تعالى أعلم.
المسألة الثالثة: فيمن أخرجه معه:
أخرجه (خ) 1/ 160 (م) 2/ 160 و 166 (د) 1340 و1350 (ق) 1196 (أحمد) 6/ 52 و 81 و 128 و 138 و 189 و 249 و 279 (الدارمي) 1482 (ابن خزيمة) 1102. واللَّه تعالى أعلم.
المسألة الرابعة: في اختلاف العلماء في مشروعية الصلاة بعد الوتر:
قال الإمام ابن المنذر -رحمه اللَّه تعالى-: اختلف أهل العلم في الصلاة بعد الوتر، فكان قيس بن عُبَاد يقول: أقرأ وأنا جالس أحبّ إليّ من أن أصلي بعد ما أُوتر. وكان مالك بن أنس لا يعرف الركعتين بعد الوتر. وقال أحمد بن حنبل: أرجو إن فعله إنسان لا يضيق عليه، وقال أحمد: لا أفعله انتهى ببعض تصرّف.
وقال الإمام محمد بن نصر -رحمه اللَّه تعالى-: كره أبو سعيد الخدري - رضي اللَّه عنه - الصلاة بعد الوتر، وسئل سعيد بن جُبير عن الصلاة بعد الوتر؟ فقال: لا، حتى ينام نومة. وعن إبراهيم أنه كره الصلاة بعد الوتر مكانه. وعن ميمون بن مهران: إذا أوترتَ فتحوّلْ، ثم صلّ، وفي رواية: إذا أوترت، ثم حوّلت قدميك، فصلّ ما بدا لك. وقيل لأبي العالية ما تقول في السجدتين بعد الوتر؟ قال: تنقُضُ وترك، قيل: الحسنُ يأمرنا بذلك، فقال: رحم اللَّه الحسن، قد سمعنا العلم، وتعلمناه قبل أن يولد الحسن. وكان سعد بن أبي