(وَأَفْضَلُ الصَّلاَةِ، بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ) قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: فيه دليل لما اتفق العلماء عليه، أن تطوّع الليل أفضل من تطوّع النهار، وفيه حجة لأبي إسحاق المروزيّ من أصحابنا، ومن وافقه أن صلاة الليل أفضل من السنن الراتبة، وقال أكثر أصحابنا: الرواتب أفضل لأنها تشبه الفرائض، والأول أقوى، وأوفق للحديث. واللَّه أعلم انتهى.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الذي قوّاه النووي -رحمه اللَّه تعالى- من أن صلاة الليل أفضل من السنن الرواتب، هو الصواب، فإن ما استند إليه الأكثرون تعليل في مقابلة النصّ، وذلك باطل، ولقد أحسن منِ قال، وأجاد في المقال [من الوافر]:

إِذَا جَالَتْ خُيُولُ النَّصِّ يَوْمَا ... تجُارِي في مَيَادِينِ الْكِفَاحِ

غَدَتْ شُبَهُ الْقِيَاسِيِّينَ صَرْعَى ... تَطِيرُ رُؤُوسُهُنَّ مَعَ الرِّيَاحِ

واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلق بهذا الحديث:

المسألة الأولى: في درجته: حديث أبي هريرة - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا أخرجه مسلم.

المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنف له:

أخرجه هنا-6/ 1613 - وفي "الكبرى" 12/ 1312 - بالإسناد المذكور، وفي 6/ 1614 - و"الكبرى" 12/ 1313 - عن سُويد بن نصر، عن ابن المبارك، عن شعبة، عن أبي بشر، أنه سمع حميد بن عبد الرحمن يقول: قال رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، فذكر نحوه مرسلاً. وفي "الكبرى" أيضًا 117/ 2905 عن محمد بن قُدامة، عن جَرير- و 117/ 2906 - عن عمرو بن علي، عن عبد الرحمن، عن زائدة- كلاهما عن عبد الملك بن عمير، عن محمد بن المنتشر، عن حميد بن عبد الرحمن به. واللَّه تعالى أعلم.

المسألة الثالثة: فيمن أخرجه معه:

أخرجه (م) 3/ 169 (د) 2429 (ت) 438 و 740 (ق) 1742 (أحمد) 2/ 303 و 2/ 329 و 2/ 342 و 2/ 535 (الدارمي) 1484 و 1764 و1765 (عبد بن حُميد) 1423 (ابن خزيمة) 1134 و 2076. واللَّه تعالى أعلم.

المسألة الرابعة: في فوائده:

منها: ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو بيان فضل صلاة الليل. ومنها: أن صلاة الليل أفضل من النوافل مطلقًا، حتى على السنن الرواتب. ومنها: أن صوم شهر اللَّه المحرّم أفضل الصيام مطلقًا بعد رمضان. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015