ذلك جماعة من بطانته فأحضره يوما وفاوضه ليقف على مقداره في المعرفة فقال له فيما قال: ما أحسن ما قيل في صفة شعر؟ فبقي مليا يتفكر فقال أبو الفضل: فند عند خاطرك حداجة، ثم قال هات أيها الشيخ فقلت أحسن ما قاله قديم في ذلك قول الشاعر:
(فإن أهلك فقد أبقيتُ بعدي ... قوافا تُعجبُ المتمثلينا)
(لذيذات المقاطع محكمات ... لو أنَ الشعرَ يُلبَسُ لارتُدينا)
وأحسن ما قاله محدث قول أبي تمام:
(ووالله لا أنفك أهدى شواردا ... إليك يحملن الثناء المنخلا)
(تخال به بردا عليك محبرا ... وتحسبها عقدا عليك مفصلا)
(ألذ من السلوى وأطيب نفحة ... من المسك مفتوقا وأيسر محملا)
(أخف على روح وأثقل قيمة ... وأقصر في سمع الجليس وأطولا)
(وُيزهى به قوم ولم يمدحوا بها ... إذا مثل الراوي بها أو تمثلا)