ديوان الصبابه (صفحة 83)

قال فطرب لارشيد وقام على رجليه حتى استقبل أم جعفر ومعه علية وهو في غاية السرور وقال لم أر كاليوم سروراً قط وقال لمسرور الخادم لا تترك في الخزانة مالاً إلا نثرته فكان مبلغ ما نثره في ذلك اليوم ستة آلاف ألف درهم وما سمع بمثل ذلك قط وحكى عن القاضي أبي عبد الله محمد بن عيسى أنه أخرج إلى حضور جنازة وكان لرجل من أخوانه منزل بالقرب من مقبره فعزم عليه في الميل إليه فنزل وأحضر له طعاماً فغنيت جارية.

طابت بطيب لثاتك الأقداح ... وزها بحمرة خدك التفاح

وإذا الربيع تنسمت أرواحه ... نمت بعرف نسيمك الأرواح

وإذا الخنادس أسبت ظلماءها ... فضياء وجهك في الدجا مصباح

فكتبها القاضي طرباً بها على ظهر يده ثم خرج، قال راويه فلقد رأيته يكبر على الجنازة وهذه الأبيات على ظهر يده.

وما أحسن قول ابن تميم في عواده.

وفتاة قد راضت العود حتى ... راح بعد الجماح وهو ذليل

خاف من عرك إذنه إذ عصاها ... فلهذا كما تقول يقول

وقال آخر:

سقى الله أرضاً أنبتت عودك الذي ... زكت منه أغصان وطابت مغارس

فغتى عليه الطير والعود أخضر ... وغنى عليه الغيد والعود يابس

وقال ابن قاضي ميلة:

جاءت بعود يناغيها ويسعدها ... فانظر بدائع ما خصت به الشجر

غنت على عوده الأطيار مفصحة ... غضا فلما ذوى غنى به البشر

فلا يزال عليه أو به طرب ... يهيجه الأعجمان الطير والوتر

وقال ابن حجاج:

هذا ومحسنة بالعود عاشقها ... بذلك الطيب فى الإحسان مسرور

إذا انثنت وتغنمت خلف قامتها ... غصناً عليه قبيل الصبح شخرور

وقال آخر:

وجارية إذا غنتك صوتاً ... فما لك من فراق الحلم بد

كأن يسارها في العود برق ... ويمناها إذا ضربته برق

وقال آخر:

أشارت بأطراف لطاف كأنها ... أنابيب در قمعت بعقيق

ودارت على الأوتار جساً كأنها ... بنان طبيب في مجس عروق

وقال النور الأسعردي في جنكية:

لبنت شعبان جنبك حين تنطقه ... يغدو بأصناف ألحان الورى هازي

لا غرو إن صاد ألباب الرجال لها ... أما تراه يحاكي مخلب البازي

وقال الصلاح الأربلي وأحسن ما شاء.

الجنك مركب عقل في تشكله ... والرق قرع له الأوتار أطناب

يجري بريح اشتياق في بحار هوى ... يؤم ساحل وصل فيه أحباب

وقال ابن دانيال في دفية:

ذات القوام الذي يهتز غصن نقا ... لو مر يوماً عليه طائر صدحا

تبدي على الدف كالجمار معصمها ... لنقره ببنان يشبه البلجا

غناؤها بريق الريح تمزجه ... فما ينقط إلا كل من رشحا

وقال ابن عديم في مغنية:

والله لو أنصف الأقوام انفسهم ... أعطوك ما ادخروا فيها وماصانوا

ما أنت حين تغني في مجالسهم ... إلا نسيم الصبا والقوم أغصان

وقلت أنا:

وغانية مكملة المعاني ... بلطف ما عليه من مزيد

إذا ما أطربتنا بالمثاني ... تثنت بين رمان النهود

تغار السمر منها حين تبدو ... كغصن البان في خضر البرود

بأطراف من الحناء حمر ... وألحاظ كبيض الهند سود

سوالفها من الريحان أطرى ... يواخيها الشقيق من الخدود

وقال آخر:

بابي أغاني مطرب ... أبداً ترضاه النفوس

يشدو فنرنو بالكؤس ... له ونرقص بالرؤس

وقال آخر:

وزامر يبعث في زمره ... إلى قلوب الناس أفراحا

كأن إسرافيل في نايه ... ينفخ في الأموات أرواحا

وقال آخر في مشبب:

ومطرب قد رأينا في أنامله ... شبابة لسرور النفس أهلها

ٍكأنه عاشق وافت حبيبته ... فضمها بيديه ثم قبلها

وقال بن قرناص في مليح مشبب:

مشبب بجفاه راح يقتلنا ... فإن تداركنا بالنفخ أحيانا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015