الصديق!

أين مني ذلك الصديق الممتاز:

الذي يوجه خطوي، ويكمل نقصي؟ ويسعى في نفعي، ويجد في درء الخطر عني؟

أين الصديق الذي تنعكس أفراحي وأحزاني على صفحة وجهه كما تنعكس صور الأشياء على المرآة المصقولة الصافية، فيفرح لفرحي، ويحزن لحزني، ويشعرني بذلك أنه جزء متمم لي؟

أين الصديق الذي يحس الألم يجثم على صدري، والأسى يحز في نفسي، فأقرأ سطور الألم مكتوبة على محياه، وأتبين لذعات الأسى يتغضن لها جبينه، وتنقبض لها أساريره؟

أين الصديق الذي يتفحصني كلما لقيني ليرى ما ينقصني فيكمله وما يهمني فيعينني عليه، وما يكربني فيدفعه عني؟

أين الصديق الذي إذا حضر استروحت السعادة في قربه، وإذا غاب أحسست جزءا هاما من وجودي ينقصني، فأنا في شوق ملح جامع حتى يعود فتعود سعادتي؟

أين الصديق الذي إذا سمع الثناء علي والإعجاب بي لم يحسد ولم يحقد، بل أرى وجهه يشرق بالبشر والابتهاج، ولسانه ينطق بالإكبار والإعجاب؟

أين الصديق الذي يمحضني نصحه، ويهبني قلبه، ويقاسمني زاده، ويعتذر إلي من تقصيره لأن منزلة الصديق عنده فوق كل منزلة؟

أين هذا الصديق؟ وهل هو موجود؟

أم أن هذا الصديق ثالث المستحيلات، كما يقولون؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015