على التدريج وأهبها في مهل وبطء، وفي ضيق وعسر، لحبيبتي الغالية المدللة "الحرية".
الحرية التي أحبها كل ذي شعور، وكل ذي طموح! يتطلع إلى المجد، ويتوق إلى الكمال.
ولكنها لم تحب إلا الذين وهبوها أرواحهم، ومنحوها حياتهم ففازوا برضاها،
وظفروا بقربها، أو أصابهم سهم الردى الذي تصدوا له راضين مطمئنين، فماتوا شهداء حبها مبتسمين مبتهجين.
إنها الحرية: معشوقة العظماء، ومعبودة الشعراء.
على أن حبيبتي، رغم شرودها وعنادها، ودلالها كبريائها، لا تبرح سريري، ولا
تغادر غرفتي، إنها تأوي إلى مضجعي كل ليلة، إنها في متناول يدي، إنها رهن إشارتي، وطوع إرادتي، فهي إذن قريبة بعيدة، وليس في الأمر غرابة.
إنها قريبة ممن له إرادة تسيطر على هواه، وتقتل في نفسه جراثيم الخوف مما يعترض سبيله إليها من مكاره الحياة.
وهي بعيدة ممن استعبدته نفسه فأخلد إلى الأرض واتبع هواه.
وهل أضاع من أضاع حريته إلا بعد أن أضاع إرادته؟
حبيبتي: "إنني طوع إرادتك فكوني طوع إرادتي"!