يتقدم إلى العجالين ألا يسلكوا بعجلهم على المقابر، وأن يكون مسلكهم بغريبها في الفناء المتسع الذي لا قبور به، وينهى العجم عن المرور على مقابرنا لوطئهم قبول المسلمين ومشيهم عليها، وقد ينهى المسلمون عن المشي عليها، فكيف بنجاس كفار، ولهم متسع بشرقي المقبرة مع الدور أو في الأزقة الخارجة إلى الخندقة بجوفي المقبرة. قال بذلك محمد بن لبابة، وقاله أيوب بن سليمان، وليكن هذا المنع في جميع المقابر، وقاله ابن وليد.

الاحتساب على النواتية من مراكب المراسي:

رفع إليك – رضي الله عنك – أن قومًا من النواتية استعدوا المراكب لإجازة الناس على نهر قرطبة في مرسى بالشيء وغيرها من المراسي؛ وأهم أقاموا لأنفسهم في يجملة المراكب حالة لا ؤمن أن يكون سيلا لهلاك الناس، ولا يجد الناس بدًا من إجازة البقرة إلى ضياعهم ومنازلهم، وذلك أنهم جعلوها دولاً، فتوقف المراكب ويفرد مركبًا واحدًا للإجازة، فيحشى حتى يكاد ينكفي إلا أن الله يدفع، وصاروا يركبون غررًا، وكشفتنا عن الذي يجب عيك النظر به في هذا، وأنت بما جعل الله إليك حائط للعامة، وناظرهم في مصالحهم.

وقد قال مالك – رحمه الله – للسلطان أن ينظر للناس فيما يصلحهم في دينهم ودنياهم، وهذا من أوجب ما يجب فيه نظرك فامنع – رضي الله عنك – من ذلك منعًا شديدًا حتى تبع المراكب، وينقطع بذلك ما يخاف على المسلمين من ركوب الغدر.

فقد جاء فيه خير لعمر بن عبد العزيز حين وصف له ركوب الناس بالبحر، فقال دود على عود، وجاء بكلام غير هذا، كأنه نهي عن ذلك وحذر منه، فامنع عن هذا فإنك مأجور فيه، مثاب عليه إن شاء الله. قال بذلك محمد بن غالب ومحمد بن وليد وعبيد الله ابن يحيى، وقال سعد بن معاذ مثل ذلك، وقال: الحديث لعمر بن الخطاب أيضًا، وقال أحمد بن بقي بمثل قول سعد بن معاذ، وقال بذلك محمد بن عمر بن لبابة وأيوب بن سليمان.

قال القاضي:

الحديث الذي ذكروا إنما هو لعمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقع في جامع العتبية في موضعين في سماع ابن القاسم، أحدهما: في أول رسم منه وهو رسم مساجد القبائل، قال مالك: سأل عمر بن الخطاب عمرو بن العاص عن البحر، فقال: خلق قوي يركبه خلق ضعيف، دود على عود، إن ضاعوا هلكوا وإن بقوا فرقوا، فقال: عمر لا أحمل فيه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015