الأمرين بعلمهم، ورأوا اعتمارًا يحتمل أن يكون بابتياع أو إرفاق أو توكيل، وليس يلزمهم الكشف عن ذلك، ولم تبين القرابة، ولو بينت لكان الجواب أوضح، وقطع المعتمر وغرسه بعلم القائمين حيازة في ذلك الشيء بعينه، وليس يلزم المطلوب أن يقول: من أين صارت الأملاك بيده، إلا أن طلبه الطالب بذلك، هل صارت اله بسببه، أو بسب مورثه، فيلزمه الجواب عنه على ما جرى به الاصطلاح عندنا. والله أعلم بحقيقة الصواب.
قال القاضي: في هذه المسألة فصول؛ منها:؛ حيازة الأربين بها هل هي كحيازة الأجنبيين فما حازه بعضهم على بعض؟ ومنها: شهادات الشهود لمن حيز عليه ملكه بمحضره، ثم قام بعد مدة هل يسقطها سكوتهم؟ ومنها: كشف المطلوب عن الوجه الذي صارت به هذه الأملاك إليه، ومنها: تفويت بعض الملك هل هو كتفويت للجميع أم لا؟
وهذا كله محتاج إلى شرح وتفصيل وبسط طويل، وفي جميعه تنازع تركت اجتلابه كراهة التطويل.
مسألة ابن دهمة في دعوى ورثته بجنة حيزت في مغيبهم وحضوهم على موضعها وهو في موضع خصمهم:
رجل ابن دهمة هذا عن بياسة في الفتنة إلى سرقسطة مدة، وتوفي بها هو وبعض بنيه، ثم رجع ابناه عبد الله وأخوه إلى بياسة تاجرين، واقاما بها نحو عشرين عامًان ثم انصرفا إلى بياسة واستوطناها، والجنة بيد إنسان يعتمرها.
فقال عبد الله منها يطلبها، وأثبت المغيب والموت والوراثة واتصال الملك في الجنة، وحيزت، وأعذر إلى المطلوب فقال: هي ملكي، وادعى مدفعًا أجل فيه، فأثبت انصراف هذا القائم وأخيه إلى بياسة، وإقامتهما بها الأيام المذكورة وهو يعتمر الجنة، ولم يحركاه فيها.
وقال شاهد واحد إنه خاصماه فيها ثمن انصرفا، وأثبت أيضًا وثيقة بسماع مستفيض أنه ابتاعها من القائموأخويه منذ ثلاثين عامًا، وأثبت ايض أن هذا القائم قال بين يدي حكم قبل هذا: هبك بعت أنا وأخي أمنا لم تبعظ وأظهر أيضًا وثيقة الابتياع، وليس فيها إلا شاهد واحد حي، وكتبت بذلك إلى قرطبة، وقلت هل قوله هبك بعت أنا وأخي هل هو إقراظ وكيف إن قالا: نحن نمضي البيع، أعطنا الثمن.
فجاوب ابن عتاب: قول القائم هبك بعت أنا وأخي أمنا لم تبع؛ إقرار منه على