قرّبا مربط الكآبة مني ... نفحت حرب لوعتي من جمال
لو نسيت الفضائل ما كن ... ت بناسٍ صنائع الأفضال
كيف أنسى ذاك الندى وهو عندي ... مستجدّ أمام عيني وبالي
كيف أنشي من المقال بديعاً ... زال من كانَ عارفاً بمقالي
زال عني ذاك الثنا فقضى قل ... بي فرض الأحزان عند الزوال
واعتزلت الورَى وليس عجيباً ... بعد ما مات قامع الاعتزال
أيّ قلبٍ لم يرمَ بعد سراهُ ... بفنون الأوجاع والأوجال
أي دنيا يصفو لها أمل المر ... ءِ وهذي مصارع الآمال
أي خلق من المنية يحمى ... وهي تسري إليه مسرى الخيال
أي تاجٍ وللأهلة في الأف ... ق قسيّ ترمي الورَى بنبال
جاد مثواك يا محمد غيث ... باسم البرق مستهل الغزال
وسلام على الفضائل في لح ... دك والفضل والندى والمعالي
وقال يرثي كمال الدين ابن الأثير
الطويل
برغميَ أن غاض الندى بكماله ... فلم يبق إلا زورة من خياله
وإلا دموع من جفون كأنها ... تردّ على مثواه فيض نواله
أسفت لبدرٍ بانَ عنه محمد ... فبان بمعني حسنه وجماله
وولى كما ولى السحاب مودّعاً ... وفي كلّ روضٍ نفحة من سجاله
وزال وقد أبقى جواهر بحره ... ومات وقد أحيى مناقبَ آله
ألا في سبيل الله مصرع ماجد ... تزيلت العلياء مثل زواله
فقدناه فيّاض المكارم واللهى ... يشفّ ضياء المجد بين خلاله
لئن قصرت أيدي المطالب بعده ... لعهدي بها موصولة بحباله
لئن بسطت أيدي الحوادث بعده ... لعهدي بها مغلولة بنكاله
بروحيَ وضاح الصفات كأنما ... طبعن دراري الحسن بعد خصاله
أما والذي أنشا أياديه والحيا ... لقد فقد الظمآن صفو زلاله
وقد زال من أفق الأثير عن الورَى ... سنا كوكبٍ تسهو السها لمناله