وقال بدرية في ابن فضل الله
الطويل
خليليّ من مصر قفا نبك في السَّبك ... على عيشنا بالنيلِ في فلك الفلك
على مصر والهفي على مصر لهفة ... يصحُّ بها قلبي المشوق على السبك
ويا طربي فيها إلى سود أعينٍ ... على مثلها في كلِّ داجيةٍ أبكي
أعاذلتي ما أنت منِّيَ في الهوى ... ولا أنا في أنساب هذا الهوى منك
تشكُّ سهام اللحظ قلبي بالأسى ... وقلبك خالٍ من سهامٍ بلا شكّ
بكم آل فضل الله طافت مقاصدِي ... وتمَّ على نجح الرجا بكمُ نسكي
رفضت الورى لمَّا علقت حبالكم ... ونزَّهت دين الحبّ فيكم عن الشرك
وستر فؤادِي أن أقلام بدركم ... سرورٌ لذي ودٍّ وغيظٌ لذي محك
لأقلام مولانا ثناً متضوّعٌ ... فهل هي في الكافور تكتب بالمسك
وما هي إلا القضب إمَّا موائساً ... وإمَّا مواضي الحدّ تحمي حمى الملك
إذا ما دعاها الدهر يا عزَّة الهدى ... بذا فدعاها السطو يا ذلَّة الشرك
إذا أتبعت ألفاظها بصريرها ... طربنا لأقوال البلاغة في هنك
إذا ما اليدُ البيضاء ألقت عضالها ... تلقف صنع الحقّ صنع ذوي الإفك
وإن لم تكن موسى فإنَّ محمداً ... كثير الأيادِي البيض في الظلم الحلك
نعمٌ إنَّها في كفِّه قصب العلى ... بسفنٍ وتحملن العلى ضخمة السمك
دقاق تحملن الجليل وتشتكي ... إليها فلا تشكو ولكنها تشكي
تربَّت بآكام الأسود ترابها ... مواقع سحب ما نداها بمنفكّ
فجاءت تحاكي الأسد والسحب سطوة ... وجوداً وللحاكي فحار على المحكي
مسخَّرةٌ تجري بما ينفع الورى ... على يدِه فانظر إلى البحرِ والفلك
مؤمَّرةٌ تسري إلى حومة الوغى ... ومن أسودٍ في أبيضٍ علم الرّنك
مسدَّدة الأفعال والبأس والندى ... مثقفة الآراء في الأخذِ والترك
فأحسن بها في الطرس هيفا كحيلة ... تريك قدود العرب مع ثقل الترك
وأعجب لها كالنبل تنكي وتارةً ... تحصّن من وقع النبال التي تنكي
وبالظلِّ منها وهو ظلُّ يراعةٍ ... تمرُّ على الدنيا ستوراً من الهتك