والطرفُ يركعُ في مشاهدِ أوجهٍ ... عقدت بها طرر الشعورِ محارِبا
والدهرُ سلمٌ كيفَ ما حاولتهُ ... لا مثل دهري في دمشق محارِبا
هيهات يقربني الزمان أذًى وقد ... بلغت شكايتي العلاءَ الصاحِبا
أعلا الورى همماً وأعدلَ سيرةً ... وأعزّ منتصراً وأمنعَ جانِبا
مرآة فضلِ الله والقوم الأولى ... ملأوا الزمانَ محامِداً ومناقِبا
الحافظينَ ممالكاً وشرائِعاً ... والشارعين مهابةً ومواهِبا
لا يأتلي منهم إمامُ سيادةٍ ... من أن يبذّ النيراتِ مراتِبا
إمَّا بخطَّيّ اليراعِ إذا الفتى ... في السلمِ أو في الحربِ يغدو كاتِبا
فإذا سخا ملأَ الديارَ عوارِفاً ... وإذا غزا ملأَ القفارَ كتائِبا
فإذا استهلَّ بنفسه وبقومهِ ... عدَّ المفاخرَ وارِثاً أو كاسِبا
أبقوا عليَّ وقوَّضوا فحسبتهم ... وحسبتُه سيلاً طما وسحائِبا
ذو الفضل قد دُعيت رواةُ فخاره ... في الخافقينِ دعاءَها المتناسِبا
فالبيتُ يدعى عامِراً والمجدُ يد ... عى ثابِتاً والمالُ يدعى السائِبا
ما رحّبتهُ القائلون مدائِحاً ... إلاَّ وقد شملَ الأكفَّ رغائِبا
نعم المجدِّدُ في الهوى أقلامهُ ... أيَّام ذو الأقلامِ يدعى حاطِبا
تخِذَ المكارِمَ مذهباً لما رأى ... للناسِ فيما يعشقون مذاهِبا
وحياطةَ الملكِ العقيمِ وظيفةً ... ومطالعَ الشرفِ المؤيدِ راتِبا
والعدلَ حكماً كادَ أن لا يغتدِي ... زيدُ النحاة به لعمرٍو ضارِبا
والفضل لو سكتَ الورى لاسْتنطقت ... غرَرُ الثنا حقباً به وحقائِبا
واللفظ بين إناءةٍ وإفادةٍ ... قسمَ الزمانُ فليسَ يعدَمُ طالِبا
وعرائس الأقلام واطربي بها ... سودَ المحابرِ للقلوبِ سوالِبا
المنهبات عيوننَا وقلوبَنا ... وجناتهنَّ الناهبات الناهِبا
سحَّارة تحكي كعوبَ الرمحِ في ... رَوعٍ وتحكي في السرورِ كواعِبا
لا تسألن عن طبّها متأمِّلاً ... واسأل به دونَ الملوكِ تجارِبا
يا حافظاً مُلك الهدَى كتَّابهُ ... سرَّت صحائفها المليكَ الكاتِبا
يا سابقاً لمدى العلى بعزائمٍ ... تسري الصَّبا من خلفهنَّ جنائِبا