كَأَنَّكَ مُطْلَقُ الْحَدَّيْنِ ماضٍ ... أَفاضَتْ ماءهُ أَيْدِي الْقُيُونِ
صَفاءُ خلائِقٍ وَبَهاءُ خَلْقٍ ... فَسَعْداً لِلْقُلُوبِ وَلِلْعُيُونِ
كَأَيّامِ الصِّبا حَسُنَتْ وَرَقَّتْ ... وَأَيّامِ الصَّبابَةِ وَالشُّجُونِ
ظَنَنْتُ بِكَ الْجَمِيلَ فَكُنْتَ أَهْلاً ... لِتَصْدِيقِي وَتَصْدِيقِ الظُّنُونِ
وَما شيِمَتْ سَحابُ نَداكَ إِلاّ ... سَحَبْتُ ذَلاذِلَ الْحَمْدِ الْمَصُونِ
فَما بالِي جُفِيتُ وَكُنْتُ مِمَّنْ ... إِلَيْهِ الشَّوْقُ مَجْلُوبُ الْحَنِينِ
أَبَعْدَ تَعَلُّقِي بِكَ مُسْتَعيذاً ... وَأَخْذِي مِنْكَ بِالْحَبْلِ الْمَتِينِ
يُرَشَّحُ لِلْعُلى مَنْ لَيْسَ مِثْلِي ... وَيُدْعى لِلغِنى مَنْ كانَ دُونِي
أَرى عِيدانَ قَوْمٍ غَيْرَ عُودِي ... مِنَ الأَثْمارِ مُثْقَلَةَ الْغُصُونِ
وَمالِي لا أَذُمُّ إِلَيْكَ دَهْرِي ... إِذا الْمُتَأَخِّرُونَ تَقَدَّمُونِي
وَما إِنْ قُلْتُ ذا حَسَداً لِحُرٍّ ... أَفاقَ الدَّهْرُ فِيهِ مِنَ الْجُنُونِ
وَلكِنَّ الْعُمُومَ مِنَ الْغَوادِي ... أَحَقُّ بِشِيمَةِ الْغَيْثِ الْهَتُونِ