دوله الموحدين (صفحة 91)

وعلى الرغم من ذلك فقد ترددت أصداء هزيمة البحيرة بين قبائل الموحدين فزلزلت ثقتهم بابن تومرت، فالمهدي مؤيد من السماء فكيف يهزم من كان حليفه الله ... وترتب على هذا التساؤل إعادة النظر في عقيدة المهدي وعلى الرغم من كل الجهود التي بذلها ابن تومرت لاقناعهم بأن قتلاهم في الجنة، فقد بقيت رواسب الشك في مهديته تساور نفوسهم. عندها لجأ ابن تومرت إلى أسلوب المكر والخداع حتى يعيد الثقة بدعوته وقيادته ومهديته. فاتفق مع مجموعة من أتباعه على أن يدفنهم أحياء وجعل لكل واحد منهم متنفساً في قبره وأوصاهم بأن يقولوا إذا سئلوا: "قد وجدنا ماوعدنا ربنا حقاً من مضاعفات الثواب على جهاد لمتونة وعلو الدرجات التي نلنا بالشهادة فجدوا في قتال عدوكم فإن مادعاكم إليه الإمام المهدي صاحبكم حق"، ووعدهم اذا نفذوا ذلك بأن يخرجهم ويجعل لهم منزلة رفيعة. ولما ذهب أكثر الليل اجتمع بأشياخ الموحدين وأوضح لهم بأنهم حزب الله وأنصار دينه وطالبهم بالجد في قتال أعدائهم، وطلب منهم ان كانوا في شك مما يقول أن يذهبوا سوياً إلى قبول قتلاهم في معاركهم مع المرابطين ليحدثوهم بما لقوا من خير ونعيم، وذهب معهم الى مكان إحدى المعارك التي نشبت مع المرابطين وسقط فيها عدد كبير من الموحدين، والتي يوجد فيها ذلك النفر الذين دفنهم أحياء ولقنهم مايقولون. ولما وصل رفع صوته في المقبرة قائلاً: يامعشر الشهداء خبرونا مالقيتم من الله عزوجل. فقالوا: وجدنا مالاعين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على بال بشر إضافة الى مالقنهم إياه ابن تومرت، عندها ذهل الناس وعادت ثقتهم بالمهدي، وبدلاً من أن يخرج المدفونين قام باغلاق المنافس التي كان قد تركها لهم فماتوا من فورهم، لأنه خشي أن يخرجوا فيذيعون سره فيفتضح أمره فتكون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015