الفصل الخامس الحروب الصليبية في العهد السلجوقي

المبحث الأول الجذور التاريخية للحروب الصليبية واستمرارها إلى يومنا هذا

الفصل الخامس

الحروب الصليبية في العهد السلجوقي

المبحث الأول

الجذور التاريخية للحروب الصليبية واستمرارها إلى يومنا هذا

إن مما يجدر ذكره أن الحرب الصليبية والصراع بين أهل الإيمان وأهل الكفر من النصارى الغربيين وغيرهم، الذين عبدوا عيسى عليه السلام، واتخذوه إلهاً من دون الله، وقالوا: هو الله وابن الله وثالث ثلاثة، لم تبدأ في نهاية القرن الخامس الهجري ولم تنته في القرن السابع الهجري، بل هذه الحملات هي سلسلة في هذا الصراع الطويل، الذي بدأ بظهور الإسلام (?)، واستمر بصيغ دورية متعاقبة كادت تغطي المدى الزمني بين ظهور الإسلام والعصر الحديث، ويمكن تقسيمه على ستة من المحاور التي استمر عليها هذا الصراع، ولم يكن أوار الصراع على كل واحد من هذه المحاور يفتر قليلاً حتى يشب ثانية في محور جديد لا يقل عنه ضراوة وعنفاً واستزافًا للطاقات الإسلامية في مساحات واسعة من الأرض وهذه المحاور (?) هي:

أولاً: البيزنطيون:

ترجع بدايات التحرك البيزنطي المضاد للإسلام إلى عصر الرسالة نفسه، فمنذ العام الخامس للهجرة وعبر معارك دومة الجندل، وذات السلاسل، ومؤتة، وتبوك، وانتهاء بحملة أسامة بن زيد رضي الله عن الصحابة أجمعين، كان المعسكر البيزنطي يتحسّس الخطر الإسلامي الجديد القادم من الجنوب، لاسيما بعد ما تمكنت الدولة الناشئة من فك ارتباط العديد من القبائل العربية شمالي الجزيرة من سادتهم القدماء الروم، وسواء كان البيزنطيون يتحركون ضد القوات الإسلامية بفعلهم ابتداء، أو كرد فعل لتحرك إسلامي، فإن المحصلة الأخيرة هي أن هذا المعسكر بدأ يدرك أكثر فأكثر حجم التحدي الجديد، ويعد العدة لوقفه, صحيح أن هذه العدة لم تكن - أحياناً - بالحجم المطلوب، ربما بسبب عدم دقة المعلومات التي كانت القيادة البيزنطية تبني عليها مواقفها، إلا أن النتيجة هي أن النار اشتعلت عبر هذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015