العلم, وظهر فيهم تحقيق قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالماً، اتخذوا رؤساء جهالاً، فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا» (?). ولما كان الأمر على ما وصفته لك، أردت أن أجدد لأمر العلم ذكراً لعله نشط فيه راغب متنبه، أو ينبعث له واقف متشبط (?).
(3) مصابيح السنة:
- موضوعه وسبب تأليفه: قال - رحمه الله -: أما بعد، فهذه ألفاظ صدرت عن صدر النبوة، وسنن سارت عن معدن الرسالة، وأحاديث جاءت عن سيد المرسلين وخاتم النبيين، هن مصابيح الدجى، خرجت عن مشكاة التقوى، مما أوردها الأئمة في كتبهم جمعتها للمنقطعين إلى العبادة لتكون لهم بعد كتاب الله تعالى حظاً من السنن، وعونًا على ما فيه من الطاعة (?).
- عناية العلماء بمصابيح السنة: تقبل الناس هذا الكتاب بالقبول الحسن، فعكفوا عليه رواية ونسخاً وقراءة وحفظاً، ثم ألفوا حوله الشروح والمختصرات والتخريجات، وقد ذكر حاجي خليفة وبروكلمان أكثر من اثنين وأربعين شرحاً ومختصراً وتخريجاً لهذا الكتاب (?)، إلا أن مشكاة المصابيح لأبي عبد الله محمد بن عبد الله الخطيب التبريزي ت 740هـ (?) فاق جميع الشروح والتخريجات الأخرى، ولذلك عكف الناس عليه، وشرحوه واختصروه وخدموه، إذ ألف عليه تسعة شروح ومختصرات (?).
- وفاته: اختلفت المصادر التي ترجمت للإمام البغوي في سنة وفاته على ثلاثة أقوال وهي سنة 510هـ، وسنة 515هـ, وسنة 516هـ ولكن هذه المصادر تكاد تجمع على أن وفاته كانت في شهر شوال سنة ست عشرة وخمسمائة وهو القول الراجح لاختياره عند أكثر المصادر (?)، وكانت وفاته في مرو الروذن ودفن عند شيخه القاضي حسين بمقبرة الطالقان، وقبره مشهور هنالك (?)، وقالوا إنه عاش ثلاثاً وثمانين سنة, ويرى البعض أنه قد عاش بضعاً وسبعين سنة (?)، كما يرى آخرون أنه أشرف على التسعين وذلك لعدم تحديدهم سنة