إليه (?). ويدل مجرد اسم هذه المؤسسات على الفرق بينها وبين دور الكتب القديمة، فكانت دار الكتب تسمى قديماً خزانة الحكمة، وهي خزانة كتب ليس غير، أما المؤسسات الجديدة فتسمى دور العلم، وخزانة الكتب جزء منها (?). وهذا يشير إلى أن هذه الدور الجديدة كانت لها وظيفة تعليمية أيضاً (?)، وإلى جانب دور العلم هذه كان كثير من أئمة الشيعة الإمامية يقومون بالدعوة إلى مذهبهم ونشر عقائدهم في بيوتهم الخاصة، أو في مشاهدهم وأعنى بها المساجد التي دفن فيها أئمتهم - على حد قولهم لأن بعضها لا يثبت- والتي عرفت عندهم بالعتبات المقدسة (?): فقد كان الشيخ المفيد محمد بن محمد النعمان، شيخ الإمامية المتوفي في عام 413هـ يعقد مجلس نظر بدار يحضره جميع العلماء وكانت له منزلة عند أمراء الأطراف يميلهم إلى مذهبه (?)
وأما أبو جعفر الطوسي محمد بن الحسن فقيه الإمامية (ت 460هـ)، فقد فر إلى النجف بعد أن هوجمت داره في بغداد، ونهبت محتوياتها في عام 448هـ في حملة الضغط التي تعرض لها الشيعة في بغداد عقب دخول السلاجقة إليها وتمكن الطوسي في مقره الجديد من مواصلة نشاطه العلمي والتعليمي فألف مجموعة من الكتب في الفقه والحديث على مذهب الإمامية احتلت مكاناً بارزاً في الدراسات الشيعية الإمامية، كالتهذيب والاستبصار، وهما من الكتب الأربعة المعول عليها عندهم والتي تحفل بالروايات الضعيفة والموضوعة والتي لا وزن لها في الميزان العلمي الصحيح، كما أملى الطوسي - في مشهد النجف - على طلبته كثيراً من الدروس جمعها في كتاب سماه الأمالي (?). هذه بعض الجهود التي قام بها الإمامية للترويج لمذهبهم والدعاية له، أما الإسماعيلية، فكانوا أساتذة هذا الميدان ولهم القدم الراسخة فيه إذ حازوا قصب السبق في إنشاء المؤسسات التعليمية، وتوجيهها وجهة مذهبية. (?) بدأ الفاطميون نشاطهم في هذا المجال منذ قيام دولتهم في الشمال الإفريقي, وكان عهدهم الذهبي بإنشاء الجامع الأزهر عام 359هـ وجعلوا منه مؤسسة تعليمية تعنى بنشر مذهبهم في عام 378هـ عندما سأل الوزير يعقوب بن كلس الخليفة العزيز في صلة رزق جماعة من الفقهاء فأطلق لهم ما يكفي كل واحد منهم، وأمر لهم بشراء دار وبنائها فبنيت بجانب الجامع الأزهر، فإذا كان يوم الجمعة حضروا إلى الجامع وتحلقوا فيه بعد الصلاة إلى أن تصلى العصر، وكان لهم من مال الوزير صلة في كل سنة.
ثم