وقد اختلفت الرواية العربية في مصير موسى بن نصير، واختلف الرواة في أمر لقائه بالخليفة؛ فقيل إنه وصل إلى دمشق قبل وفاة الوليد بن عبد الملك، وقدم إليه الأخماس والغنائم؛ فأكرمه وأحسن إجازته، وقيل بل وصل عقب وفاة الوليد وارتقاء سليمان بن عبد الملك أخيه عرش الخلافة، وأن سليمان غضب عليه ونكبه (?). على أنه يمكن التوفيق بين القولين أعني وفود موسى على الوليد ابن عبد الملك ثم نكبته على يد سليمان. وهنالك ما يرجح لدينا أنه لحق بالوليد قبيل وفاته، فإن ابن عبد الحكم وهو أقدم رواة فتوح الأندلس، يقول لنا إن موسى بن نصير مر بمدينة الفسطاط في أواخر شهر ربيع الأول سنة ست وتسعين في طريقة إلى دمشق (?). وقد توفي الوليد في منتصف جمادى الآخرة من هذا العام أعني بعد وصول موسى إلى مصر بأكثر من شهرين ونصف. ولما كانت مسافة السفر بين الفسطاط ودمشق لا تتجاوز في هذا العصر بضعة أسابيع، فإن الوقت كان يكفي لمقدم موسى على الوليد قبل وفاته بأسابيع. على أن الرواية من جهة أخرى تكاد تجمع على أن سليمان سخط على فاتح الأندلس ونكبه. ذلك أن موسى وصل إلى الشام والوليد في مرض موته، فكتب إليه سليمان ولي العهد أن يتمهل في السير، رجاء أن يموت الوليد بسرعة، فيقدم عليه في صدر خلافته بما يحمل من التحف والغنائم الكثيرة، فأبى موسى وجد في السير حتى قدم والوليد حى فسلم إليه الأخماس والغنائم. ثم توفي الوليد بعد ذلك بقليل مستخلفا أخاه سليمان على كرسى الخلافة. فغضب سليمان على موسى، وزاد في حقده عليه، ما قدمه في حقه طارق ومغيث من مختلف التهم (?). وفي الحال أمر، بعزله واتهمه وبنيه باختلاس مقادير عظيمة من المال والتحف، وقضى عليه بردها، وبالغ في إهانته وتعذيبه، ثم ألقاه إلى ظلام السجن. واستجار موسى بصديقه يزيد بن المهلب من نقمة سليمان. وكان من أخصائه وذوى النفوذ عنده، فيروى أن يزيداً