عبد الملك إلى قرطبة في سبعمائة فارس، فاقتحم أسوارها الحصينة واستولى عليها دون مشقة، وأرسل حملات أخرى إلى غرناطة وإلبيرة ومالقة، فافتتحت مالقة وفر سكانها إلى الجبال، ثم لحق جيشها بالجيش المتجه إلى إلبيرة وغرناطة، فحوصرت غرناطة قليلا وفتحت، ثم فتحت إلبيرة. وكان اليهود يعاونون المسلمين في كل هذه الفتوح، فكان المسلمون يضمون إليهم في كل مدينة من المدائن المفتوحة حامية صغيرة لحفظها. ثم سار المسلمون بعد ذلك شرقاً نحو ولاية مرسية، وكانت تسمى يومئذ تيودمير (أو تدمير) باسم أميرها، وقاعدتها مدينة أوريولة؛ وكان تيودمير جندياً كبيراً، وافر العزم والبأس، فالتقى بالمسلمين ونشبت بينه وبينهم معارك شديدة هلك فيها معظم رجاله، فارتد إلى أوريولة، وامتنع بها، وعرض النساء، حسبما تقول الرواية، على الأسوار بأثواب الرجال إيهاما بكثرة جنده، واستطاع بثباته وجلده، أن يعقد الصلح مع المسلمين بشروط حسنة أنقذت بها مدينته من السبي والجزية (?).
وسار طارق في بقية الجيش إلى طليطلة مخترقاً هضاب الأندلس (?) وجبال