وتتكون صفوفه من أتباعهما وأتباع حلفائهما من الأمراء والزعماء الناقمين، الذين تظاهروا بالإخلاص وقت الخطر، وكلهم يتحين الفرصة للإيقاع بالملك المغتصب (?)، فكانت الخيانة تمزق جيش القوط شر ممزق. واستمال يوليان والأسقف أوباس وهما في صف المسلمين كثيراً من جند القوط، وبثا بدعايتهما في الصفوف الموالية لردريك كثيراً من عوامل الشقاق والتفرق، فأخذ كل أمير يسعى في سلامة نفسه. وتمكن الجيش الإسلامي على ضآلة عدده، بجلده وثباته واتحاد كلمته، من جيش القوط، فلم يأت اليوم السابع من اللقاء حتى تم النصر لطارق وجنده، وهزم القوط شر هزيمة، وشتتوا ألوفاً في كل صوب.
أما ردريك آخر ملوك القوط، فقد اختفي عقب الموقعة، ولم يعثر له بأثر. ويقول إيزويدور الباجي إنه بقي في ميدان الحرب حتى قتل مدافعاً عن عرشه وأمته. وتقول بعض الروايات النصرانية الأخرى إنه فر عقب الهزيمة على ظهر جواده، ولكنه غرق في مياه النهر. وتميل التواريخ الإسلامية إلى تأييد هذه الرواية، وتقول لنا إن ملك القوط مات غريقاً، وإنهم عثروا على جواده وسرجه الذهبي، ولم يعثر إنسان بجثته. وتزعم بعض الروايات النصرانية أيضا أن ردريك استطاع أن يلوذ بالفرار، ولكنه قتل بعد ذلك، أو أنه فر إلى بعض الأديار في البرتغال وترهب، وعاش متنكراً حيناً من الدهر. وينفرد صاحب كتاب الإمامة والسياسة بين المشارقة برواية أخرى، وهي أن طارقاً ظفر بجثة ردريك، فاحتز رأسه وبعث بها إلى موسى بن نصير، وبعث بها موسى إلى الخليفة، ويتابعه في هذه الرواية كاتب أندلسي هو صاحب كتاب تحفة الأنفس الذي تقدم ذكره (?). هذا إلى روايات كثيرة أخرى. ولكن المرجح في هذه الروايات كلها هو أن ردريك فقد حياته في الموقعة التي فقد فيها ملكه، وأنه مات قتيلا أو غريقاً على الأثر (?).