في حكم المدينة إبراهيم بن حجاج وكريب بن خلدون باسم الأمير وفي طاعته (?).
وكان كريب طاغية شديد الوطأة فنفر منه الشعب. أما إبراهيم فكان رفيقاً دمث الخلق فكثر أنصاره، ورجحت كفته، واستطاع في الوقت نفسه أن يحصل من الأمير عبد الله سراً على عهد بولاية المدينة. ثم اعتزم أمره ودبر مقتل كريب ابن خلدون وأخيه خالد، وانفرد بحكم إشبيلية (282 هـ) (?)، وأقره عبد الله على ولاية إشبيلية وقرمونة. وسطع نجم بني الحجاج وقوى أمرهم، وطالب إبراهيم الأمير بالإفراج عن ولده عبد الرحمن، المعتقل رهينة في قرطبة، فلما تباطأ الأمير في إجابته خلع الطاعة وتحالف مع ابن حفصون (?)، وسار معه في قواته لمقاتلة قوات الأندلس (289 هـ) حسبما نفصل بعد. وقدر الأمير عبد الله خطورة هذا التحالف وتوجس من عواقبه، وعاد فأجاب رغبة إبراهيم، وأفرج عن ولده عبد الرحمن ورده إليه مكرماً (289 هـ)، فجنح إبرهيم إلى الطاعة مرة أخرى، وارتضى أداء الجزية للأمير، ونبذ حلف ابن حفصون، وقنع الأمير من جانبه بهذا المظهر من الخضوع والطاعة، واستقرت الأمور في إشبيلية (?).
وأبدى إبراهيم بن حجاج في إدارة ولايته همة وبراعة، واتخذ سمة الملوك وأنشأ له بلاطاً، وحرساً خاصاً قوامه خمسمائة فارس غير المشاة، وحصن مدينة قرمونة، وجعل بها مرابط خيله (?)، وفرض الضرائب وأصلح نظم الحكم والقضاء، وعمل على توثيق أواصر المودة بينه وبين حكومة قرطبة. وكان يبعث بالأموال والهدايا إلى الأمير عبد الله، ويمده بجنده في بعض غزواته. وكان إبراهيم فوق ذلك رضى الخلق، محبوباً من الشعب، جواداً يقصده الشعراء وينشدونه مدائحهم