وفدوا من وراء البحر، أن يهزمهم وأن يردهم عن أراضيه، وبذلك ظهرت الأندلس على عدوها فى ميدان الحرب لأول مرة منذ انهيار دولة الموحدين. ولما عبرت الكتائب المرينية بعد ذلك بقليل (662 هـ)، استطاع قائدهم الفارس عامر ابن إدريس أن ينتزع مدينة شريش من يد النصارى، ولكن لمدى قصير فقط (?)، وقد كانت هذه بارقة أمل متواضعة. ولكن الحوادث ما لبثت أن تجهمت للأندلس مرة أخرى. ذلك أن ملك قشتالة (ألفونسو العاشر) خشى هذه البادرة على خططه وغزواته، وخشى بالأخص أن تتضاعف الأمداد من وراء البحر فيشتد ساعد أمير غرناطة، ومن ثم فقد عول أن يضاعف أهبته وضغطه على القواعد الأندلس الباقية. ففى أواخر سنة 662 هـ (1263 م) نزل ابن يونس صاحب مدينة إستجة عنها إلى النصارى (?)، ودخلها دون خيل قائد القشتاليين، فأخرج أهلها المسلمين منها، وقتل وسبى كثيراً منهم وذلك بالرغم من تسليمها بالأمان. وفى العام التالى (663 هـ) ظهرت نيات ملك قشتالة واضحة فى العمل على افتتاح ما بقى من القواعد الأندلسية، وسرى الخوف إلى نواحى الأندلس، وعادت الرسائل تترى على أمراء المغرب وزعمائه، بالمبادرة إلى إمداد الأندلس، وإغاثتها قبل أن يفوت الوقت، خصوصاً وقد بدأ عدوان النصارى يحدث أثره، وبدأت هزائم قوات ابن الأحمر فى ذلك الوقت على يد دون نونيو دى لارا (دوننه) صهر ملك قشتالة وقائده الأكبر (663 هـ - 1264 م). وكتب الفقيه أبو القاسم العزفى صاحب سبتة رسالة طويلة إلى قبائل المغرب، يستنصرهم فيها ويحثهم على الجهاد فى سبيل الأندلس، وفيها يقول: "ولا تخلدوا بركون إلى سكون، والدين يدعوكم لنصره، وصارخ الإسلام قد أسمع أهل عصره، والصليب قد أوعب فى حشده، فالبدار البدار، بإرهاب الجد وأعمال الجهاد فى نيل الجد .. " (?). وتكرر مثل هذا الصريخ إلى سائر أمراء إفريقية، وأعلن ابن الأحمر بيعته للملك المستنصر بالله الحفصى صاحب تونس، فبعث إليه المستنصر