واشتد التنافس على الإمارة بين الشاميين من ناحية، والعرب والبربر من ناحية أخرى، رأى أمير الأندلس أبو الخطار حسام بن ضرار الكلبى، أن يعمل على تهدئة الفتنة بتمزيق عصبة الشاميين، ففرقهم في أنحاء الأندلس، وأنزل جند الشام بكورة إلبيرة، وجند حمص بإشبيلية، وجند فلسطين بشذونه والجزيرة، وجند الأردن بريُّه، وهكذا نزل الشاميون منذ البداية بولاية إلبيرة، وغدوا بمضى الزمن كثرة فيها. واستمرت مدينة إلبيرة قاعدة لهذه الولاية ومركز قضائها في ظل الدولة الأموية، حتى أواخر القرن الرابع حينما انهارت الخلافة الأموية وتعاقبت الفتن، وعاث البربر في النواحى، وخربت مدينة إلبيرة شيئاً فشيئاً، حتى غدت غرناطة قاعدة الولاية مكانها، وغلب اسم غرناطة على الولاية نفسها، ومن ذلك الحين يختفى اسم إلبيرة كقاعدة من قواعد الأندلس، ويذكر مكانها اسم غرناطة. والواقع أن إلبيرة وغرناطة تعتبران في معظم الأحيان ولاسيما في المراحل الأولى لتاريخ الأندلس، إسمين لمكان واحد، وقد جرى كثير من المؤرخين والجغرافيين على المزج بينهما (?).
وغَرناطة أو إغرناطة اسم قديم يرجع إلى عهد الرومان والقوط، وقد اختلفت آراء الباحثين في أصل هذه التسمية، فيرى البعض أنه مشتق من الكلمة الرومانية Granata أى الرمانة، وأنها سميت كذلك لجمالها، ولكثرة حدائق الرمان التي تحيط بها (?)، ويرى البعض الآخر أن التسمية ترجع إلى أصل قوطى أو أنها ترجع إلى أصل بربرى مشتق من اسم إحدى القبائل (?). والواقع أن غرناطة تتمتع بموقع فائق في الحسن، فهى تقع في واد عميق يمتد من المنحدر