بسم الله الرحمن الرحيم
صدرت الطبعة الأولى من هذا الكتاب في سنة 1949، وصدرت طبعته الثانية في سنة 1958، مدعمة بكثير من المراجع والوثائق التي أتيح لي أن أجمعها خلال رحلاتي وبحوثي العديدة في إسبانيا والمغرب وغيرهما.
وقد قمت حتى اليوم باثنتى عشرة رحلة دراسية في شبه الجزيرة الإسبانية، وزرت سائر المدن الأندلسية القديمة في إسبانيا والبرتغال، وعنيت بدراسة سائر ما بها من الآثار والأطلال والنقوش الأندلسية، كما زرت سائر المدن الإسبانية النصرانية التي لها علاقة بتاريخ الأندلس، في قشتالة، ونافار، وليون وجليقية؛ ووقفت خلال هذا التجوال الشامل في أنحاء شبه الجزيرة، على كثير من خواصها وطبائعها الجغرافية والإقليمية، وكثير من تقاليدها وخواصها الاجتماعية والأدبية، وقد كان لذلك كله، أعمق الأثر في نفسي، وفى إمدادي بكثير من الآراء والفكر الجديدة، المتعلقة بتاريخ الأندلس والأمة الأندلسية.
وهناك حقيقة سبق أن نوهت بها في مقدمة الطبعة الأولى من هذا الكتاب، وهي أن المصادر الإسلامية بالنسبة لهذه المراحل الأخيرة، من حياة الأمة الأندلسية قليلة ضنينة. أجل لقد انتهت إلينا عن تاريخ مملكة غرناطة وأحوالها طائفة من المراجع القيمة، في مقدمتها كتب الوزير ابن الخطيب، وما كتبه عنها ابن خلدون حتى حوادث عصره، وكذلك انتهت إلينا طائفة حسنة أخرى، عن تاريخ مملكة بني مرين، قرينة مملكة غرناطة، وعضدها الأيمن في الجهاد. ولكن هذه المراجع الإسلامية تقف بنا عند أواخر القرن الثامن الهجري (الرابع عشر الميلادي)، ولا نكاد نظفر بعد ذلك، خلال القرن التاسع الهجري، وهو بالنسبة لمملكة غرناطة، عصر الانحلال والسقوط النهائي، بأية مراجع إسلامية ذات شأن،