والشام، وإتماما لسلسلة الفتوحات الغربية. غير أن تقدمهم نحو الغرب كان محفوفاً بمشاق وصعاب لم يألفوها في فتوحهم الأولى، فقضوا زهاء نصف قرن في معارك عنيفة مع الروم (الرومان) والبربر، وأصيبوا إلى جانب انتصاراتهم، بأكثر من هزيمة شديدة، وواجهوا عدة ثورات محلية عنيفة، وانهار سلطانهم الفتي غير مرة، قبل أن يستقر نهائيا في إفريقية.
وبدأ العرب فتوحهم في إفريقية عقب افتتاحهم لمصر مباشرة. ففي سنة اثنتين وعشرين من الهجرة، أعني بعد افتتاح مصر بنحو عامين، سار عمرو ابن العاص غرباً إلى برقة، فافتتحها وصالح أهلها على الجزية، ثم افتتح طرابلس (أو إطرابلس) بعد أن حاصرها شهراً ولجأ سكانها إلى سفنهم في البحر، ولكنه تركها بعد اغتنام ما فيها (?). وفي خلافة عثمان توغل العرب في قفار إفريقية. وفي سنة سبع وعشرين (647 م) (?) سار عبد الله بن سعد بن أبي سرح الذي خلف عمراً في ولاية مصر إلى إفريقية في نحو عشرين ألف مقاتل (?)، وسارت معه حامية برقة بقيادة عقبة بن نافع، وكان عمرو قد ولاه على تلك الأنحاء (?). وقصد الغزاة بادئ بدء إلى طرابلس وهي يومئذ أغنى وأمنع ثغور إفريقية (?).