فنظمه عبد المؤمن بين طلبة العلم، وأضفى عليه رعايته، ثم ولاه قضاء غرناطة، ثم قضاء إشبيلية. وهنالك توثقت صلاته بجاره وصديقه العلامة أبى بكر بن طفيل. ولما تولى أبو يعقوب يوسف الخلافة، عينه للنظر على الخزانة (المكتبة) وهي عندهم من الخطط الجليلة، لا يتولاها إلا أكابر العلماء. وكتب أبو العباس عدة مصنفات منها " شرح الشهاب " وكتاب " أنوار الأفكار فيمن دخل جزيرة الأندلس من الزهاد والأبرار ". وله شعر جيد معظمه في الإلهيات والزهد. فمن ذلك قوله:

إلهي لك الملك العظيم حقيقة ... وما للورى مهما منعت نقير

تجافى بنو الدنيا مكاني فسرَّني ... وما قدر مخلوق جداه حقير

وقالوا فقير وهم عندي جلالة ... نعم صدقوا إني إليك فقير

وتوفي أبو العباس بمراكش في جمادى الأولى سنة 559 هـ (1164 م).

ورثاه صديقه العلامة ابن طفيل بقصيدة بعث بها إلى ولده بمراكش مطلعها:

لأمر ما تغيرت الدهور ... وأظلمت الكواكب والبدور

وطال على العيون الليل حتى ... كأن النجم فيه لا يغور (?).

ومنهم الفقيه الحافظ أبو محمد عبد الحق بن غالب بن عبد الرحمن بن عطية المحاربي، من أهل غرناطة، برع في علوم القرآن والسنة وكان فقيهاً متبحراً، وأديباً واسع المعرفة، متقدماً في فنون عديدة، وتولى القضاء بغرناطة وألمرية، وألف في التفسير كتاباً ضخماً لخص فيه كل ما تقدمه من كتب التفسير، واشتهر بالمغرب والأندلس، وألف كتاباً في " الأنساب "، وانتهى إلينا من كل مؤلفاته " معجم شيوخه " وهو محفوظ بمكتبة الإسكوريال.

ولد سنة 418 هـ، وتوفي بلورقة سنة 542 هـ (1147 م) (?). وكان فوق ذلك أديباً ينظم الشعر، ومن قوله في مدح المرابطين:

إذا لثموا بالريط خلت وجوههم ... أزاهر تبدو من فتوق كمائم

وإن لثموا بالسّابرية أظهروا ... عيون الأفاعي من جلود الأراقم (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015