وقلت المرافق، وتزاحم الناس في المدينة [وسكنت] المساجد والمصاطب، والرحاب، وكثر الجزع والإرجاف والموجان .. والأسوار معمورة بأهل البلدة، وليس في الدور غير الصبية والنسوة " (?). وفي ظهر اليوم التالي وصل النصارى إلى مقربة من شرق المدينة، وكان عددهم قد بلغ عندئذ زهاء خمسين ألفاً، ونشب القتال بينهم وبين المسلمين. قال ابن الصيرفي: " وتوالى الحرب على فرسخين منها، وقد أجلى السواد، وتزاحم الناس بالمدينة، وتوالى الجليد، وأظلت الأمطار ". ولبث ألفونسو بحملته بضع عشرة ليلة، وهو ملتزم السكون بسبب الجليد والأمطار، والمعاهدون يمدونه بالأقوات والمؤن. ثم أقلع عن غرناطة، وقد ارتفع طمعه عنها، لما لمسه من وفرة الجيوش المدافعة عنها، وذلك في يوم 26 ذي الحجة سنة 520 هـ (21 يناير سنة 1127 م)، وأنحى ألفونسو باللائمة على المعاهدين، وزعيمهم ابن القلاّس، لتقاعسهم، وعدم وفائهم بما التزموه، فردوا اللوم إليه، واحتجوا ببطئه وتلومه حتى تلاحقت الجيوش، وأنهم قد أضحوا بذلك عرضة للهلاك على يد المسلمين. وسار ألفونسو إلى قرية مرسانة، ثم إلى بيش (?) ثم اتجه شمالا إلى قلعة يحصب، ثم انحدر غرباً نحو قبرة واللسانة (?) والجيوش الإسلامية تلاحقه، وتناوشه في معارك صغيرة، وكانت قوات إشبيلية قد تحركت عندئذ بقيادة واليها الأمير أبى بكر ابن أمير المسلمين، وانضمت إلى باقي الجيوش المرابطية في مطاردة العدو. ثم أقام ألفونسو بقبرة أياماً، وسار منها إلى بلاي (?) فاللسانة ثم انحدر جنوباً، والمسلمون في أثره حتى قرية شيجة (?) القريبة من غرناطة، وهنالك في فحص الرينسول (?) وقعت بينه وبين المسلمين معركة، كان فيها الظهور في البداية للمسلمين. ولما جن الليل وقع في المعسكر الإسلامي حادث أثار فيه الاضطراب. وذلك أن الأمير تميماً أمر بنقل خبائه، من وهدة